تساعد الأجواء الحميمية و التقاليد الرمضانية التي تطبع الصيام بورشات الحديد والصلب بمركب الحجار " آرسلور ميطال عنابة " العمال من تذليل آثار الإرهاق الجسدي اليومي وتحويل موعد الإفطار إلى لحظات ممتعة. فقد استمد هؤلاء العمال تحدي ظروف الصيام بورشات الحديد والصلب التي تتطلب العمل بمحيط تتراوح درجات الحرارة به ما بين 600 و 1700 درجة من تقاليد المجتمع الجزائري القائمة على التعاون والتآخي. وهو الشيء الذي يعتز به أحد العمال القدامى علي صدقاوي الذي قال ل/وأج أنه و بعد 30 سنة من العمل بورشات الحديد والصلب المعروفة ب "المنطقة الحارة " لتحضير وسكب الفولاذ أن الكثيرين من عمال المركب الذي غادروا المصنع يحنون اليوم إلى تلك اللحظات التي قضوها خلال شهر رمضان في المصنع. وسواء كان العمال بورشات تحضير المادة الأولوية "خام الحديد" أو بالفرن العالي أو بالدرفلة على الساخن والدرفلة على البارد أو بسلسلة إنتاج المواد الحديدية الطويلة أو المسطحة فإن الأجواء الرمضانية واحدة وقاسمها المشترك يبقى التعاون والتآخي لتنظيم موعد الإفطار دون التخلف عن شرطي اليقظة و الانضباط لضمان السير العادي لسلسلة الإنتاج -كما أشار إلى ذلك نفس العامل. فثلاثة فرق مناوبة تتداول طوال الأربعة والعشرين ساعة على ورشات سلسلة الإنتاج بالمركب وذلك بمعدل ثماني ساعات عمل تقطعها مدة نصف ساعة للراحة. وتبدأ أولى فترات العمل على الساعة الخامسة والنصف صباحا إلى غاية الواحدة والنصف بعد الظهر لتخلفها ثاني فرق مناوبة وهي المعنية بالإفطار بمكان العمل كونها تعمل إلى غاية الساعة التاسعة والنصف ليلا . و إذا كانت إدارة المركب قد سخرت لعمال ورشات سلسلة الإنتاج ظروف الإفطار بمطعم المصنع فإن استحالة مغادرة بعضهم لأماكن عملهم خاصة منهم المعنيون بسلسلة سكب الفولاذ ومراقبة درجات الحرارة جعلهم يتأقلمون مع ظروف العمل وخصوصياته ونجحوا بكل عبقرية في تنظيم وضبط الأجواء وفق متطلبات الصيام. ودون الإخلال بمنظومة العمل هيأت مجموعات العمال المعنية بالإفطار بالمركب فضاءات الراحة الخاصة بالعمال والمجهزة بآلات للتبريد و أخرى للتسخين بالإضافة إلى طاولات وكراسي لتسخين وجباتهم اليومية للإفطار التي لا تغيب عنها كما أشار إلى ذلك من جهته أحد العمال الشباب المدعو نونو من الشربة و "البوراك" العنابي ورائحة القهوة والشاي وهي تمتزج ليستعيد بها العمال مزيدا من الطاقة ويضبط بعضهم بها مزاجهم. و إذا كان بإمكان عمال ورشات المفولدات ضبط فترة الراحة اليومية (نصف ساعة) مع وقت الإفطار ليتجمعوا حول مائدة إفطار تتسع لأكثر من 20 صائم ليتبادلوا الأطباق ويتباهوا بها وذلك بعد تأدية المصلين منهم ما فاتهم من أوقات الصلاة فإن نظام الإفطار بالنسبة لعمال الفرن العالي يبقى بطعم خاص ومن نوع آخر. فوسط درجة حرارة تصل إلى 1700 درجة كثيرون من يضطروا إلى إطفاء الظمأ تفاديا لتعقيدات صحية كما ذكر بذلك سي مبروك أحد قدامى عمال الفرن العالي الذي والذي أشار أن الإفطار بورشة الفرن العالي يبقى نوعا من التحدي موضحا أن عمال هذه الورشة يضطرون إلى التداول على فضاء الراحة للإفطار ولمدة زمنية قياسية حتى لا تغيب عن أنظارهم عملية سكب الفولاذ. ويعمل بمركب الحديد والصلب آرسلور ميطال عنابة الذي ينتج الفولاذ السائل والصفائح الحديدية بالإضافة إلى المواد الحديدية المسطحة والطويلة وحديد الخرسانة مجموع 5277 عاملا من بينهم حوإلى 1500 عامل ينشطون بورشات المنطقة الحارة المعنية بسلسلة الإنتاج. ونظرا للظروف الخاصة التي تطبع الإفطار بأماكن العمل فإن عمال المناوبة لمركب الحجار يستفيدون من علاوتين الأولى للإفطار بقيمة 600 دج و الثانية خاصة بالسحور وقيمتها 150 دج وذلك طيلة شهر رمضان. وينتج مركب الحديد والصلب بالحجار آرسلور ميطال عنابة يوميا نحو 2400 طن من الفولاذ السائل.