غادر رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا المستشفى يوم الأحد عائدا إلى منزله غير أن حالته الصحية "لاتزال حرجة " وذلك منذ دخوله مستشفى بريتوريا جراء إصابته بالتهاب رئوي في شهر جوان الماضي و هى الفترة التي شهدت تعاطفا دوليا كبيرا معه لكونه رمزا من رموز النضال و التحرر على مستوى العالم أجمع. وبعد أكثر من ثلاثة أشهر غادر نيلسون مانديلا المستشفى اليوم وعاد إلى منزله غير أن الرئاسة الجنوب إفريقية وصفت وضعه الصحي بأنه "حرج وأحيانا يكون غير مستقر" مشيرة إلى أنه "في حالة ما إذا إستلزم الأمر نقل مانديلا مجددا إلى المستشفى سيتم ذلك مستقبلا". ويعتقد الأطباء إن مانديلا البالغ من العمر95 عاما سيلقى فى منزله فى جوهانسبورغ نفس مستوى الرعاية المكثفة التي تلقاها فى بريتوريا خاصة و أن نفس الفريق الطبي الذي تولى رعايته في المستشفى سيسهر على رعايته في منزله "الذي تمت تهيئته لتمكين مانديلا لتلقي عناية مركزة". ويأتي قرار نقل مانديلا إلى منزله بعد إستجابته للعلاج وذلك عقب دخوله في حالة "فقدان دائم للوظائف العصبية الإدراكية" كما أن غراسا ماشيل زوجة مانديلا أكدت أن زوجها "استجاب مؤخرا لزائريه في المستشفى وأصبح يفتح عينيه لمن يتحدث إليه" مشيرة إلى أن "الحالة العامة لزوجها مستقرة وعلى ما يرام رغم معاناته أحيانا من بعض الانتكاسات ". وكان رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما قد أكد أكثر من مرة أن الحالة الصحية ل" ماديبا "-الاسم الذي يطلقه مواطنو جنوب إفريقيا على رئيسهم السابق تحببا فيه- "لا تزال حرجة ولكنها مستقرة". — تعاطف دولي كبير مع مانديلا خلال فترة مكوثه بالمستشفى — وأثارت الحالة الصحية لمانديلا قلق و تعاطف كل من الجنوب افريقيين والأفارقة عموما وذلك منذ دخوله للمستشفى في 8 جوان الماضي حيث قال ماك ماهراج المتحدث باسم الرئيس زوما "إن استخدام الاطباء لكلمة "حرجة تعد تفسيرا كافيا لشعورنا بالقلق" مضيفا "ولهذا نود أن نطمئن الجماهير أن الأطباء يفعلون ما في وسعهم لتحسين حالته الصحية". كما أكد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم إنه "يتابع بقلق" التقارير الأخيرة وإنه يشارك الرئيس في "الدعاء لمانديلا وأسرته وفريقه الطبي في هذا الوقت العصيب". وفي ذات الصدد قال متتبعون لحالة مانديلا أن "الحكومة الجنوب أفريقية تتعامل بحذر مع ملف صحة مانديلا حتى لا تثير حالة من الفزع" كما أشار آخرون إلى أن وصف حالته بالحرج يتسبب في الكثير من القلق للجنوب افريقيين الذين ينظر الكثير منهم لمانديلا على أنه أحد أفراد أسرته. وعاش رمز النضال من أجل التحرر و مناهضة العنصرية نلسون مانديلا منذ 8 شهر جوان الفارط تدهورا صحيا "خطيرا" عقب إجرائه عملية جراحية لازالة حصى بالحويصلة المرارية (ديسمبر 2012 ) مما استلزم مكوثه فى المستشفى لقرابة ثلاثة اسابيع فى ديسمبر الماضى كما أفادت حينها تقارير رسمية أنه يواصل التحسن فيما يتعلق بالعدوى الرئوية. وكانت هذه الأسابيع الثلاثة اطول مدة يقضيها مانديلا في المستشفى منذ 2001 عندما مكث حينها سبعة اسابيع من المعالجة الاشعاعية بعد تشخيص اصابته بسرطان في البروستات. وفي مارس الماضي أشارت تقارير مماثلة إلى أن مانديلا "يعاني ضعفا في الذاكرة" لكنها اكدت أنه يواصل "إجراء فحوصات روتينية بشكل جيد" وهو ما أكده الصديق المقرب لمانديلا وهو المحامي جورج بيزوس أن صحته "لا تواجه مشاكل كبيرة ولكنه يعاني ضعفا في الذاكرة بين حين وآخر". وفي نهاية نفس الشهر (27 مارس2013 ) عاد مانديلا إلى المستشفى بسبب إصابته مجددا بعدوى رئوية. وبعد ذلك أكدت الرئاسة الجنوب أفريقية أن الزعيم مانديلا "يستجيب بشكل إيجابي للعلاج إثر تجدد إصابته بالتهاب الرئوي ولا يزال في مرحلة العلاج وتحت الملاحظة الشديدة" . ثم توالت التقارير عن تحسن متواصل لصحته ليخرج من المستشفي في 6 أفريل الماضي على أن يواصل علاجه في منزله" بمدينة جوهنسبورغ غير أنها عادت للتدهور بداية جوان الماضي حيث وصفتها رئاسة جنوب افريقيا بال"حرجة لكنها مستقرة" موضحة انه عانى من جديد في الأيام القليلة الماضية من التهاب رئوي وتدهورت صحته ما استدعى نقله إلى مستشفى بريتوريا". وتتوقع تقارير طبية أن المشاكل الرئوية التي يعاني منها مانديلا قد تكون ناجمة عن الفترة التي مكث فيها قرابة 18 سنة في (الجزيرة السجن روبن) و ذلك من مجموع 27 سنة قضاها سجينا في ظل نظام "الأبارتايد"العنصري. يذكر أن مانديلا كان قد أمضي 27 عاما في المعتقل بسبب كفاحه ضد سياسة التمييز العنصري التي كانت سائدة في جنوب افريقيا وأصبح أول رئيس لجنوب افريقيا من ذوي البشرة السمراء عام 1994 كما فاز بجائزة نوبل للسلام عام 1993. وكان مانديلا قد انسحب تدريجيا من الحياة العامة بعد انتهاء ولايته الرئاسية وهو لا يزال يتمتع بشعبية واسعة واحتراما فائقا في بلاده وعبر العالم. وكان مجلس الأمن و السلم للإتحاد الإفريقي قد أشاد خلال الإجتماع الوزاري المخصص لموضوع المصالحة الوطنية و الذي إحتضنته الجزائر شهر جوان الماضي " بالمساهمة القيمة لنلسون مانديلا في تكريس ديمقراطية غير عنصرية في جنوب إفريقيا و لكونه مثلا يقتدى به عبر العالم". وأعرب المجلس عن تمنياته بالشفاء العاجل لمانديلا وعن تضامنه مع شعب و حكومة جنوب إفريقيا في هذا الظرف العصيب.