تشهد مالي اليوم الأربعاء تنصيب السيد إبراهيم بوبكر كايتا كأول رئيس منتخب للبلاد عقب فوزه في إنتخابات الرئاسة التي جرت في أوت الماضي ليعكف على تطبيق سياسته القائمة على الحوار والمصالحة والتنمية و التحقيق الإستقرار إلى جانب المضي قدما في تطبيق إتفاق واغادوغو الذي جرت بموجبه هذه الإستحقاقات. وسيستلم كايتا مقاليد الحكم من الرئيس المؤقت ديونكوندا تراويه الذي أدار المرحلة الإنتقالية للبلاد منذ أفريل 2012 وذلك بعد بعد فوزه في الإستحقاقات الرئاسية التى جرت على دورتين (28 جويلية -11أوت 2013) والتي حاز فيها على 77.6 بالمائة من اصوات الناخبين. كما سيقوم الرئيس المالي الجديد بآداء اليمين الدستورية في قاعة المؤتمرات بالعاصمة باماكو ثم يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري للإستقلال فيما سيتم تنظيم احتفالية ضخمة أخرى في 19 سبتمبر الجاري بملعب العاصمة حيث من المتوقع حضور25 رئيسا ورئيس حكومة وممثلون عن المجتمع الدولي. وجرت الرئاسيات المالية في دورتين تحت مراقبة دولية واسعة ويعتبر تنظيمها أهم النقاط الثلاث الأساسية المتفق عليها بين الحكومة الإنتقالية والمتمردين بواغادوغو في 18 شهر جوان الماضي إلى جانب عودة الجيش و الإدارة الماليين إلى الشمال و الشروع في مفاوضات مع المتمردين من أجل تحقيق المصالحة الوطنية و التوصل إلى حلول نهائية لمطالب مجموعة الأزواد (التوارق). — إبراهيم بوبكر كايتا أمام تحديات تحقيق الأمن و المصالحة الوطنية— ويقف الرئيس المالي الجديد إبراهيم بوبكر كايتا أمام العديد من التحديات أهمها رأب الصدع الذي عاشته البلاد عقب الإنقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق أمادو توماني توري في مارس 2012 وما أعقبه من تمرد في الشمال. كما يرتقب أن يعمل كايتا على الوفاء بتعهداته التي أطلقها خلال حملته الإنتخابية التي شملت كل التراب المالي بما في ذلك المناطق الشمالية حيث تعهد " إرساء أسس الحوار بين جميع الماليين ومحاربة الفقر والنهوض بمالي كدولة سيدة على ترابها". كما أكد مرشح حزب "التجمع من أجل مالي" خلال حملته الإنتخابية أنه "سيعمل على تأسيس وطن خال من الطبقية و الفساد الذي يقسم الماليين إلى مجموعات " مؤكدا أن " مالي هي دولة جميع الماليين وعلى الجميع ان يعمل من اجل تطويرها" وأنه "بعد تحقيق الحوار سنعمل على إعادة النهوض بالدولة المالية على أسس قوية و معاصرة تمكننا من مواكب الركب الحضاري الذي يشهده العالم (...) كما سيحظى المواطن المالي بخدمة مؤسسات الدولة التي أنشأت من أجله". وعلى الصعيد الإقليمي قال كايتا أنه سيحافظ على العلاقات الجيدة مع دول الجوار بما في ذلك الجزائر كما أنه سيعمل على "إستعادة مكانة مالي كدولة سيدة ومحترمة " وكذلك تحقيق التنمية " التي إعتبرها أساس تحقيق السلم . كما نال اتفاق المصالحة الموقع في 18 جوان الماضي بواغادوغو بين باماكو والمتمردين الطوارق إشادة إبراهيم أبو بكر كييتا حيث أكد نه سيجعل من تحقيق المصالحة الوطنية على رأس أولوياته وذلك من خلال جمع كل المكونات الطائفية للمجتمع بمن فيهم القوى السياسية والأعيان وممثلي الإدارة المحلية والمركزية والمجتمع المدني بهدف رص النسيج الاجتماعي الذي تصدع بشكل كبير. كما اكد أنه سيعمل على تحقيق "التنمية التي أساس السلم وذلك من خلال خلق مناطق خاصة للتنمية تستقطب الاستثمارات الضرورية من الخارج بهدف تدارك التأخر المسجل لمدة عقود إضافة إلى برنامج واسع لتسهيل عودة وإعادة إدماج اللاجئين" فضلا عن مشروعه "المتجانس" الذي يقوم على "رصد حصيلة الاتفاقات الموقعة من قبل ورسم خريطة طريق جديدة بالنسبة لمالي" تكون كفيلة بوضع مالي على سكة التقدم. — كايتا رئيسا لمالي بعد مسار سياسي طويل — وفاز كايتا بمنصب الرئاسة في مالي بنسبة 77.6 بالمائة من اصوات الناخبين على منافسة صومايلا سيسي مرشح حزب "الإتحاد من أجل الجمهورية و الديمقراطية" الذي تحصل على 22.39 بالمائة من الأصوات فضلا عن 27 مرشح آخر من مجمل أطياف الطبقات السياسية في البلاد. ويعتبر كايتا من أبرز الوجوه في المشهد السياسي المالي حيث جمع في العقدين الأخيرين بين مناصب سياسية مهمة بالدولة و أخرى في بعض التشكيلات السياسية القوية قبل أن يشكل حزبه الخاص "التجمع من أجل مالي" في جوان 2001 و الذي يرأسه لحد الآن. وكان كيتا قد شغل منصب رئيس وزراء في الفترة الممتدة من 1994 إلى 2000 تحت حكم الرئيس ألفا عمر كوناري وذلك بعدما أدار حملته الإنتخابية ثم تقلد منصب رئاسة الجمعية الوطنية المالية (البرلمان) من 2002 إلى 2007 . كما كان كايتا خلال الثمانينات مستشارا للصندوق الأوروبي للتنمية ثم رئيس مشروع التنمية في شمال مالي وفي فيفري 1993 عين وزيرا للخارجية ثم رئيسا للوزراء في السنة التالية. وقد ترشح كايتا صاحب 68 سنة في إقتراعي 2002 و2007 اللذين هزم فيهما أمام الرئيس المخلوع أمادو تومانو توري غير أنه حظي في الإنتخابات الأخيرة(2013) بدعم كبير من هيئات المجتمع المدني على الزاوية الحموية (التيجانية) بزعامة الشيخ محمدو ولد الشيخ حماه الله فضلا عن 20 مرشح من بين 25 كانوا قد خسروا في الدورة الاولي لهذه الإستحقاقات.