تعيش المقاهي بتيبازة على وقع نقاشات ساخنة و حركة دؤوبة بنكهة جزائرية خاصة استعدادا لموقعة مصطفى تشاكر بعد غد الثلاثاء أين سيخوض المنتخب الجزائري مهمة ترويض خيول بوركينافاسو في لقاء السد المؤهل لكأس العالم 2014 بالبرازيل. أجواء احتفالية تسبق العرس الكروي بكل أرجاء الولاية من بواسماعيل و القليعة و حجوط إلى شرشال و قوراية في أقصى غرب تيبازة أين ترفرف الراية الوطنية في كل مكان فوق الشرفات و المباني و على الأسطح و أسقف السيارات فوق الأعمدة و الأشجار إيذانا باقتراب الموعد. "الفرصة تاريخية.. فرصة تتيح للكرة الجزائرية رابع تأهل للمونديال و ثاني متتالي..المهم ضمان الاستقرار في المشاركة.. اللقاء صعب جدا..". هي تلكم العبارات المنبعثة من داخل مقهى بمدينة بواسماعيل الساحلية التي اختارتها (وأج) كعينة للوقوف على الأجواء و الحماس الكبيرين اللذين تعيشهما هذه الفضاءات يوميا بالولاية. الوصول إلى مقهى "عمي الحاج" لا يتطلب عناء كبيرا حيث يقع في قلب المدينة بمحاذاة السوق البلدي مقهى ما يزال يحافظ على تقاليده لاسيما منها إعلان نتائج المباريات و برنامج الجولات لمختلف البطولات الوطنية لكرة القدم. نقاشات على وقع ذكريات "أم درمان" مظاهر تجمع المولعين بحب رفقاء بوقرة في مجموعات صغيرة للحديث عن أجواء اللقاء تبين جليا أن مقهى "عمي الحاج" يمثل معقل الحركة الكروية للمدينة التي يمثلها الفريق المحلي "النادي الرياضي لبلدية بواسماعيل". و بمجرد سماع تلك الحوارات الثنائية و الجماعية الساخنة عند دخول المقهى تدخل مباشرة في أجواء اللقاء "المنتظر" و كأنك في مدرجات ملعب مصطفى تشاكر. ذكريات "أم درمان" السودانية تسجل حضورها أيضا بقوة داخل المقهى من خلال صور تأهل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا عبر بوابة الفراعنة في لقاء تاريخي. من بين تلك الصور المؤرخة للملحمة "القذفة الصاروخية لعنتر يحيى عندما سدد بقوة في شباك "عصام الحضري" و " صورة الحارس شاوشي و هو يحتفل بجنون فوق العارضة" بالفوز. المقهى عبارة عن "متحف" يؤرخ لتاريخ الكرة الجزائرية من خلال عرضه لصور النجوم الذين صنعوا أمجاد الكرة الجزائرية أمثال من ماجر و عصاد و بلومي إلى الشيخ رابح سعدان و صايفي و زياني و بلحاج. حوارات شيقة و إجماع على تحقيق الفوز "هوس كرة القدم و حب المنتخب يفعل فعلته" يقول "عمي الحاج" في تعليقه عن تلك الأجواء مشيرا إلى أنه يجد نفسه "مجبرا" للانتظار ساعات متأخرة من ليل كل يوم تلبية لرغبة المناصرين الذين يتركون دفء البيت العائلي من أجل الاستمتاع بحوارات "شيقة" داخل المقهى. و عوض "البقاء في البيت" و الاكتفاء بمشاهدة حصص تلفزيونية حول اللقاء يختار" بعض الأنصار على غرار "سليم و" قضاء السهرة بالمقهى من أجل الحديث و المشاركة في النقاش... و تتميز تلك النقاشات بمشاحنات كلامية و جدال حول قائمة اللاعبين الأساسيين و الخطة الواجب اعتمادها...تحليلات تجمع بين الواقعية و التعصب.. التعقل و التسرع لكنها تصب في الأخير في خانة "ضرورة تحقيق الفوز". ببساطة هي " النكهة الجزائرية الخاصة" يقول - سليمان صابر- مناصر قدم من فرنسا خصيصا لمشاهدة اللقاء و "الاستمتاع رفقة أبناء الحومة" بكل أطوار الحدث "قبل و أثناء و بعد" المباراة. و يمضي صابر - بصفته مولع بكرة القدم - في وصفه ل"تجاوب الشارع الجزائري" بأنه "نادرا" مشيرا إلى أن الأجواء الأوروبية تنحصر في مدرجات الملاعب و على "النات" كأكثر تقدير. و على خلاف تلك البلدان تشهد الجزائر سهرات كروية يومية في المقاهي و في الأحياء الشعبية إلى جانب تزيين شوارع و طرقات المدن بألوان الراية الوطنية —يقول صابر— معربا بالمناسبة عن انبهاره لتلك المشاهد و هو يلتحق ببيته العائلي عبر الطريق السيار الرابط بين المطار الدولي "هواري بومدين" و مدينته بواسماعيل.