أضحى مقهى البهجة بباب الوادي، المكان المفضل الذي يقصده عشاق الأغنية الشعبية الأصيلة، لقضاء سويعات من السهرات الرماضنية في جو متميز، دأب شيوخ القصيد على صناعته منذ اليوم الأول من الشهر الفضيل، تطبعه التوشية والهدي، والصور التذكارية التي يلتقطها »مومو«. تشرف على برمجة هذه السهرات، الجمعية الثقافية »نجوم«، وتسعى من خلالها الى احياء التراث الشعبي الأصيل الذي تعتبره مكسبا يتقاسمه كل الجزائريين بدون استثناء.. وحسب السيد مهدي فاضلي رئيس الجمعية، فإن الحفاظ على التراث من الاندثار واسترجاع »قعدات« أيام زمان، من أهدافها المسطرة خلال هذا الشهر المبارك، ولتجسيد هذه القناعة، سعت ذات الجمعية الى لم شمل شيوخ الرنة الشعبية، وذلك بتوجيه دعوات إليهم حسب البرمجة للحضور الى المقهى المذكور، الذي يعد رمزا للتراث، قصد إحياء السهرات الرمضانية من جهة، وتشجيع هواة الأغنية الشعبية من جهة أخرى. تبدأ السهرة عقب صلاة التراويح، لتستقطب جمهورا عريضا من مختلف أحياء العاصمة للاستمتاع بالقصيد الذي ينبعث من حناجر شحارير العاصمة. وتعتبر هذه المناسبة السعيدة فرصة »لوليدات العاصمة« لاسترجاع ذكريات الماضي واستعادة بعض الأجواء الرمضانية، التي عايشوها في الايام الملاح رفقة المرحوم الحاج امحمد العنقى، مريزق وقروابي... من أجل شيء إسمه »ريحة رمضان« وارتشاف فناجين القهوة والشاي، وملاذ السمر الذي يضفي على »القعدة« جوا من الحماس عقب كل قصيدة، ويتذكرون اثناءها السهرات التي كانت تقام في المقاهي الشعبية المنتشرة في العاصمة كمقهى العريش، الساسي، تلمساني على حد قول الياس هني أحد الوجوه المخضرمة في ميدان الفن الشعبي. ولتخفيف الضغط عن مقهى البهجة، يقول السيد بوعلام بوتي عضو في الجمعية، أن هذه الاخيرة فتحت فضاءين اثنين، الأول على مستوى نادي اتحاد العاصمة المتواجد في شارع العقيد ميرة، والثاني في »سوسطارة«، اللذين يساهمان بدورهما في احتواء العدد الهائل من الشباب المتعطش للحماس والبهجة. وأضاف محدثنا أن المبادرة تدخل في اطار احياء تقاليد المقاهي الشعبية. مشيرا إلى ان ذات الجمعية تطمح الى الحفاظ على هذا الموروث الثقافي والعمل على إعادة بعث الأمسيات الأدبية التي ينشطها مجموعة من الشعراء والأدباء من عمق التراث، قصد اثراء الحقل الثقافي الذي شهد ركودا رهيبا في السنوات الاخيرة عبر كامل التراب الوطني. ويعتبر نفس المتحدث ان التراث الشعبي ليس حكرا على منطقة دون أخرى كما يعتقد البعض.. ولإزالة هذه الفكرة من أذهان الشباب، تسعى الجمعية في المستقبل الى تفعيل التبادل الثقافي قصد احتكاك ابناء الوطن الواحد وانصهار العادات بالتقاليد والفنون في بوتقة الثقافة الجزائرية.