اكتملت فكرة تشكيل أولى نواة جيش التحرير الوطني من طرف التيار الداعي للكفاح المسلح من أجل استقلال الجزائر تحت إشراف المنظمة الخاصة سنة 1947 أي بعد تأسيس الجناح العسكري لحركة انتصار الحريات الديمقراطية التي عرفت خلافات سنة 1953 حيث تسارع مجرى الأحداث لصالح المناضلين المؤيدين للكفاح المسلح. و سرعان ما قام هؤلاء بإنشاء مجموعة ال22 ثم لجنة الست (06) التي كانت وراء تفجير الثورة في الفاتح من نوفمبر 1954. فانطلقت حرب التحرير الوطني التي انخرطت فيها آنذاك كافة التيارات و كل فئات الشعب الجزائري بجيش كان يسمى جيش التحرير الوطني يعد 1200 مجاهد و 400 قطعة سلاح عشية انطلاق الثورة إلى أن تم إحصاء حوالي 30 ألف جندي منتمين لخمسين فيلقا عند الاستقلال مجهز بمختلف الأسلحة و الذخيرة. فكانت وثيقة نداء أول نوفمبر 1954 المرجع الاساسي لجيش التحرير الوطني الذي كان يكافح من أجل استقلال الجزائر واسترجاع السيادة الوطنية وإنشاء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية, اذ كان يتشكل عند اندلاع الحرب من الزمرة (5 مجاهدين) و الفوج (ما بين 11 و 13 مجاهد) و الفصيلة (ما بين 35 و 45 مجاهد) و الكتيبة (ما بين 105 و 110 مجاهدين). و قد اعتمد المسؤولون العسكريون آنذاك نظام الافواج من أجل السماح بالتواجد و الانتشار في كامل التراب الوطني. و كانت من طرق عمل جيش التحريرالوطني الهجومات الخاطفة و نصب الكمائن و الاغارة و العمليات الفدائية و الاشتباكات مع جيش العدو. خمس مناطق عسكرية الى غاية أوت 1956 و من ناحية التنظيم كان هناك مخطط مجسد في خريطة المناطق وتعيين قادتها بشكل نهائي. فكانت المنطقة الاولى الاوراس بقيادة مصطفى بن بولعيد و المنطقة الثانية الشمال القسنطيني تحت إشراف ديدوش مراد و المنطقة الثالثة القبائل الكبرى تحت مسؤولية كريم بلقاسم و المنطقة الرابعة الوسط تحت لواء رابح بيطاط و المنطقة الخامسة الغرب الوهراني يشرف عليها العربي بن مهيدي أما منطقة الصحراء فضلت تابعة للولاية الأولى حتى سنة 1956. و في 20 أوت 1956 جاء انعقاد مؤتمر الصومام الذي قاد أشغاله العربي بن مهيدي و عبان رمضان في ظروف خاصة كانت تمر بها ثورة التحرير الوطني حيث كانت تواجه الحصار المفروض من طرف الاستعمار على كامل التراب الوطني مما أحدث صعوبة في الاتصال بين المجاهدين. و أدت هذه الحالة إلى انعدام التنسيق في عدة عمليات خاصة في الولاية الأولى والثانية (الأوراس النمامشة والشمال القسنطيني) و كذا استشهاد العديد من رجال الثورة الأوائل حيث تمكن الاستعمار من تفكيك الخلايا الثورية الأولى كما تشير إليه عدة مراجع تاريخية. و كان أيضا لانضمام الشعب للكفاح المسلح استجابة لنداء الثورة خاصة بعد الانتصار الباهر لهجوم الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 فرصة لتفكير القادة في إعادة تنظيم جيش التحرير الوطني و التخطيط لجلب السلاح. مؤتمر الصومام: وضع استراتيجية موحدة و شاملة شكل مؤتمر الصومام محطة تاريخية لتقييم انجاز مرحلة الانطلاق من عمر الثورة و وضع إستراتيجية موحدة و شاملة للثورة على الصعيد الداخلي و الخارجي علاوة على تنصيب خلايا ومؤسسات ترعى شؤون الشعب أثناء الثورة إلى غاية الاستقلال تمس الميادين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و التعريف بالقضية الجزائرية على المستوى الدولي. و أجمع المؤرخون على أن "مقررات مؤتمر الصومام شكلت ميثاقا وطنيا أعطى لأول مرة محتوى للثورة الجزائرية و وضعها في مسارها الحقيقي وقادها نحو النصر".و يعود بالأساس إلى التنظيمات التي تمخضت عن المؤتمر من بينها من الناحية السياسية "المجلس الوطني للثورة الجزائرية" و الذي يعد بمثابة برلمان الثورة الذي جمع كل التيارات. و كان المجلس هو الذي يوجه سياسة جبهة التحرير الداخلية و الخارجية. و يشرف نفس المجلس على لجنة التنسيق و التنفيذ التي تمثل "السلطة التنفيذية للثورة" تحت مسؤولية العربي بن مهيدي, و هي مسؤولة أمام المجلس الوطني للثورة. و كانت تضم إلى جانب العربي بن مهيدي كل من يوسف بن خدة و كريم بلقاسم و عبان رمضان و سعد دحلب. و تشرف اللجنة على تنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس الوطني للثورة.إذ يتعلق الأمر بالتنسيق بين الولايات و بين الداخل و الخارج. هيئات نظامية تجمع كل التيارات و إرساء ست ولايات و على الصعيد العسكري فقد دخلت الثورة في العمل بتنظيم جديد مبني على ست ولايات عسكرية على رأس كل واحد منها عقيد له أربع نواب برتبة رائد و تنقسم كل ولاية إلى مناطق و كل منطقة إلى نواحي و كل ناحية إلى أقسام و دوائر. و بما أن الحرب كانت في أوجها فقد أولى مؤتمر الصومام حسب وثائق الثورة أهمية قصوى لتنظيم جيش التحرير الوطني حيث تم إنشاء هيئة أركان له و مجموعة مصالح عسكرية مختصة في الشؤون الحربية و الأمنية و السياسية و الاقتصادية. و صار جيش التحرير الوطني مقسم إلى فئات تتمثل في المجاهدين الذين يمارسون العمل الحربي بالزي العسكري و المسبلون الفدائيون الناشطين بالزي المدني. و تتمثل مهام هذه الفئة الأخيرة في "تزويد الجيش بالمعلومات و الأخبار" و التكفل بمختلف الخدمات. كما تم إدخال تنظيم جديد على جيش التحرير الوطني حيث كان يتضمن مخططه "نصف الفوج (05 جنود) و "الفوج (11 جنديا)" و "الفرقة (35 جنديا)" و "الكتيبة (110 جنود)" و "الفيلق (350 جنديا)". و قد أعطى هذا التنظيم تماسكا كبيرا للثورة التي شملت مختلف منطق البلاد وأعطت قوة لفروعها في الخارج مما مكن من الوقوف في وجه الاستعمار الفرنسي الذي لم يكن له إلا الخضوع لمنطق جبهة التحرير الوطني و جناحها العسكري المتمثل في جيش التحرير الوطني.