أكد صالح سعود أستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية بجامعة الجزائر أنه لا يمكن إنقاذ اليمن من الانزلاق في أتون حرب أهلية محتملة إلا من خلال حل "سياسي إيديولوجي" يأخذ بعين الاعتبار مصالح كل الأطراف الفاعلة في البلاد. وفي مقالبة خاصة مع /وأج/ أوضح الاستاذ الجامعي ورئيس هيئة تحرير المجلة الجزائرية للدراسات السياسية أن "حالة الفوضى واللااستقرار" التي دخل فيها البلد منذ خمسة أيام تعود بالدرجة الاولى الى "فشل النظام القائم في إدارة الحوار بين الاطراف المتناحرة في البلاد من جهة وإلى تدخل القوى الإقليمية التي تعمل على أن لا يستعيد اليمن عافيته خدمة لمصالحها من جهة أخرى". وأضاف في السياق ذاته أنه بالرغم من أن التطورات اليوم تديرها قوة داخلية والمتمثلة في جماعة انصار الله الحوثي غير أن تدخل القوى الخارجية والاقليمية أثرت "بشكل كبير" على تغيير الاوضاع في البلاد أمام "فشل الرئيس هادي الذي لم يتمكن بعد عامين من رئاسة البلاد من بلوغ الاهداف التي أوكلت إليه". وأبرز السيد سعود أن حالة التدهور التي يتخبط فيها هذا البلد ناتجة عن ان اليمن كغيره من العديد من الدول العربية التي عرفت /الربيع العربي/ لا زال يعاني من "الفشل الدولاتي" وهو ما أدى الى تمرد قوة وطنية فاعلة مثل حركة الحوثيين التي عاشت في صراع مزدوج داخلي مع السلطات الحكومية من جهة والقوى الخارجية التي سعت الى الهيمنة وتوظيفهم خدمة لمصالحها من جهة اخرى. --- إستقالة الرئيس اليمني عززت من تدهور الوضع في البلاد--- وبينما ينتظر الشارع اليمني اليوم عودة الرئيس هادي الى سدة الحكم حقنا لدماء اليمنيين استبعد السيد سعود هذا الامر وابرز أن المبعوث الاممي لليمن جمال بن عمر تمكن من لقاء الرئيس هادي ولم يستطع إثناءه عن العدول عن الاستقالة مشيرا إلى مبادرة أخرى تقدم بها "المؤتمر الشعبي العام" الحزب الذى يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح تتضمن عودة هادي عن إستقالته لمدة ثلاثة أشهر وإجراء انتخابات مبكرة خلالها. و أكد المحلل السياسي أن استقالة هادي جاءت إثر الفشل الذي مني به في إدارة البلاد لا سيما تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وإتفاقية السلم والشراكة الوطنية إلى جانب تنفيذ المبادرة الخليجية" مما تسبب في بروز أزمة دستورية وسياسية جديدة قد تدفع باليمن إلى أتون حرب أهلية محتملة. ولا يمكن تفادي هذه الازمة - حسب تقديراته - إلا من خلال "تكوين سلطة إنتقالية تعمل في البداية على إختيار رئيس لإدارة البلاد ليتولى بعدها إدارة حوار يضم كل الأطراف اليمنية دون إقصاء لأية جهة حتى تلك التي تحمل السلاح". وتأزم الوضع في اليمن بعد أن استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء يوم 21 سبتمبر 2014 مما ارغم الرئيس اليمني تقديم إستقالته الى مجلس النواب يوم الخميس الماضي وذلك بعد وقت قصير من استقالة حكومة الكفاءات برئاسة خالد بحاح. وقد تولى الرئيس هادي سدة الحكم باليمن في 22 فيفري 2012 بعد تنحي الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن السلطة بعد ان حكمها لنحو 33 عاما بمبادرة خليجية دعمها مجلس الامن الدولي وذلك اثر ثورة شعبية في اطار ما يعرف بالربيع العربي. المشاورات الاممية لحل الازمة في اليمن "باءت بالفشل" وبالرغم من التفاؤل الذي تبديه بعض الدول الاقليمية لتجاوز الأزمة في اليمن من خلال المشاورات الجارية غير أن الأستاذ سعود قال أن المشاورات التي يرعاها المبعوث الاممي الى اليمن السيد جمال ابن اعمر مع مختلف القوى السياسية بشأن تحديد ملامح المرحلة المقبلة وكيفية الخروج من الأزمة قد "باءت بالفشل" ولا تنبىء بقرب الانفراج. وأكد أنه "لا يمكن للجهود الحالية أن تساعد على استقرار البلد وإستتباب الاوضاع إلا من خلال دعم سياسي إيديولوجي يأخذ بعين الاعتبار كل الاطراف الفاعلة في البلاد". وهو الامر الذي شدد عليه اليوم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن الذي أكد أنه هناك إمكانية تجاوز الأزمة السياسية في اليمن من خلال المشاورات مع كل الأطراف لإبرام اتفاق يتيح المضي قدما في العملية السياسية وفقا للمرجعية التي أسست لها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاقية السلم والشراكة الوطنية وما تبقى من مهام آلية تنفيذ المبادرة الخليجية. وعن اسباب فشل مجهودات المشاورات في اليمن قال السيد سعود أن هذا البلاد يعرف "تناقضات" حالت دون بلوغ الاهداف المرجوة تتمثل في أن هناك "أطرافا تنادي اليوم بالانفصال بينما بدأت مناطق أخرى تحاكي مطالب الحراك الجنوبي وتطالب بدورها بإمتيازات خاصة بها سيما بعد هيمنة جماعة نصر الله الحوثي على الساحة السياسية ناهيك عن ظهور قوة أخرى تتربص باليمن وهي الحركات الاسلامية والجهادية التي تهدد من جهتها امن وسلامة الاراضي اليمنية". وحول الظروف واسباب تمكين جماعة الحوثي من السيطرة على السلطة السياسية في البلاد أوضح السيد سعود أن هذه الجماعة لديها "إمتيازات" مكنتها من فرض وجودها على الساحة السياسية في البلاد وساعدتها في التغلب على العديد من الحركات المسلحة الاخرى في البلاد وعلى راسها /القاعدة/ وهو الامر الذي أرجعه المسؤول الجامعي إلى ثلاثة عوامل أساسية لخصها في "القوة العسكرية والانضباط الى جانب الانتماءات الإيديولوجية التي تدعمها قوى خارجية على راسها ايران والتي ساعدتها مجتمعة في تشكيل قوة عوضت السلطات السياسية في البلاد". ويذكر أن الملحق الامني لاتفاق السلم و الشراكة الذي وقعت عليه الاطراف السياسية فى اليمن يوم 21 سبتمبر الماضي ينص على سحب جماعة الحوثيين مسلحيها من كافة المناطق و الوقف الفوري لاطلاق النار فى كل الجبهات و تسليم كل المواقع للجيش و نزع السلاح من طل الاطراف و تسليمه للجيش. اما مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد بموجب انتقال السلطة الذي وضع حدا لحكم الرئيس المخلوع على عبد الله صالح فوضع خريطة طريق لتحويل اليمن الى دولة اتحادية من ستة اقاليم كما اقر مبدأ المناصفة بين الشمال و الجنوب فى الهيئات الانتقالية. وتطالب ميليشيات الحوثيين بمزيد من السلطات فى مؤسسات الدولة و يرفضون مشروع الدستور الذي يسعى الى جعل اليمن دولة اتحادية من ستة اقاليم.