يهدف مشروع القانون العضوي المتعلق بالانتخابات الذي سيعرض في الأيام القادمة على المجلس الوطني الشعبي إلى تحديد إطار قانوني واضح و شفاف ينظم العمليات الانتخابية تبعا للتعديل الدستوري الأخير. فمن خلال ال 225 مادة التي يتضمنها, يرمي مشروع هذا القانون العضوي إلى "تحديد إطار قانوني واضح و شفاف ينظم العمليات الانتخابية", عبر مراجعة القانون العضوي لسنة 2012 و المتعلق بنظام الانتخابات و ذلك تبعا للدستور المعدل في مارس الماضي. و قد أفضت الإصلاحات الجديدة التي جاء بها التعديل الدستوري لسنة 2016 إلى إعادة النظر في أحكام القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات ساري المفعول من خلال إدراج أحكام "من شأنها ضمان نزاهة العمليات الانتخابية و شفافيتها و إحداث هيئة عليا مستقلة تكلف برقابة الانتخابات في جميع المراحل منذ استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الإعلان عن النتائج المؤقتة". و أمام ذلك, كان من الضروري مراجعة القانون العضوي المتعلق بالانتخابات من خلال "إعادة النظر فيه بشكل معمق و تكييفه مع الأبعاد الديمقراطية الناجمة عن التعديل الدستوري". و في هذا الإطار, جاء مشروع هذا القانون العضوي ل"يحافظ على المكتسبات الديمقراطية التي ضمنها القانون الحالي", خاصة فيما يتعلق بتمكين ممثلي المترشحين من ممارسة حقهم في مراقبة عمليات التصويت في جميع مراحلها و كذا تمكينهم من تسجيل احتجاجاتهم و طعونهم في محاضر فرز الاصوات على مستوى مكاتب التصويت. و فضلا عن كل ذلك, جاءت المراجعة الدستورية بإصلاحات جديدة , لا سيما ضمان وضع القوائم الانتخابية تحت تصرف المترشحين و الأحزاب السياسية المشاركة و الناخبين و كذا كل الأطراف ذات الصلة بالعمليات الانتخابية طبقا للمادة 193 من الدستور. كما سيتم بموجب هذه المراجعة "تخفيف الإجراءات المتعلقة بالترشح في المحليات و التشريعيات بتأسيس مبدأ التصريح دون اشتراط أي ملف باستثناء تبرير الوضعية تجاه الخدمة الوطنية أو تقديم برنامج انتخابي للمترشحين الاحرار و الاكتفاء بتقديم استمارة يكون مضمونها محل تدقيق من طرف المؤسسات المعنية". و بالإضافة إلى ما سبق ذكره, تم تدعيم الأحكام المتعلقة بالإشراف و مراقبة العمليات الانتخابية من خلال صلاحيات الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات التي أحيل تنظيمها و سيرها إلى قانون عضوي. و من جهة أخرى, أدرج مشروع هذا القانون العضوي تدابير أخرى من شأنها حمل الأحزاب السياسية على إثراء تشكيلات المجالس المحلية المنتخبة و وضع حد للممارسات السياسية التي تمس بمصداقية هذه الأحزاب و التمثيل الحسن للناخبين. و على صعيد آخر و قصد تمكين المواطنين من فرض إرادتهم السيدة في اختيار ممثليهم على مستوى المجالس الشعبية البلدية, تم حذف المادة 80 من القانون ساري المفعول و التي "لطالما أحدثت لبسا و حرجا في انتخاب رئيس المجلس الشعبي البلدي" و استبدالها بالمادة 65 من قانون البلدية التي تنص على أن المرشح في رأس القائمة التي تحصلت على أغلبية الأصوات هو من يفوز. و من شأن هذه الخطوة الجديدة أن تسمح ب"وضع حد لحالات الانسداد التي تشهدها العديد من المجالس الشعبية البلدية و تجاوز حالات اللاإستقرار الناجمة عنها". كما يحظر مشروع هذا القانون أي تغيير طوعي للانتماء السياسي لأي منتخب في البرلمان أثناء عهدته الانتخابية من خلال إدراج أحكام جديدة تجرد المنتخب المعني من صيغته النيابية مع ضمان استخلافه, و ذلك تجسيدا لأحكام الدستور. تدعيم الإجراءات المكرسة للشفافية عبر مختلف مراحل العملية الانتخابية و إدراج شروط جديدة للترشح لرئاسة الجمهورية يتضمن النص الجديد الذي سيطرح أمام البرلمان عدة تدابير تم استحداثها, تصب في خانة تكريس الشفافية خلال مختلف مراحل العملية الانتخابية بمختلف أصنافها, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تنص المادة 22 منه على إلزام السلطات المكلفة بتنظيم الانتخابات بوضع القائمة الانتخابية البلدية بمناسبة كل انتخاب تحت تصرف الممثلين المؤهلين قانونا للأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات و المترشحين الأحرار, كما توضع القوائم الانتخابية تحت تصرف الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات. كما تشير المادة ال 35 إلى أنه يوضع تحت تصرف الناخب يوم الاقتراع أوراق للتصويت, حيث توضع --بالنسبة للمترشحين لرئاسة الجمهورية-- حسب قرار المجلس الدستوري المحدد لقائمة المترشحين لرئاسة الجمهورية في حين توضع بالنسبة لقوائم المترشحين لانتخاب المجلس الشعبي الوطني و القوائم الخاصة بانتخاب المجالس البلدية و الولائية حسب ترتيب تعده الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عن طريق القرعة. كما أقر مشروع القانون الجديد شروطا جديدة للترشح لرئاسة الجمهورية حيث يتم إلزام المترشح لهذا المنصب--تبعا للمادة 139--بتضمين ملفه تصريحا شرفيا "يشهد المعني فيه بأنه يدين بالإسلام", فضلا عن تصريح ثان يشهد بموجبه بأنه "يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط و لم يسبق له التجنس بجنسية أخرى". و علاوة على ذلك, سيكون على المترشح لرئاسة الجمهورية تقديم تصريح شرفي آخر يشهد بموجبه المعني "أقام بالجزائر دون سواها لمدة لا تقل عن 10 سنوات في الفترة التي تسبق مباشرة إيداع ترشحه". و تنص المادة 144 في ذات الباب على أنه "لا يقبل و لا يعتد بانسحاب المترشح بعد موافقة المجلس الدستوري على الترشيحات إلا في حالة حصول مانع خطير يثبته المجلس الدستوري قانونا أو في حالة الوفاة" حيث "يمنح أجل آخر لتقديم ترشيح جديد و لا يمكن أن يتجاوز هذا الأجل الشهر السابق لتاريخ الاقتراع". كما أنه و في حالة الوصول إلى الدور الثاني و في حالة انسحاب أحد المترشحين الإثنين "تستمر العملية الانتخابية إلى غاية نهايتها دون الاعتداد بانسحاب المترشح". و في حالة وفاة أو حدوث مانع شرعي لأي من المترشحين الإثنين, "يعلن المجلس الدستوري وجوب القيام بكل العمليات الانتخابية من جديد, و في هذه الحالة, يمدد المجلس الدستوري آجال تنظيم الانتخابات الجديدة لمدة أقصاها ستون يوما". كما تم أيضا و من جهة أخرى, إدراج تدابير جديدة ستمس سير الحملة الانتخابية, حيث ينص مشروع القانون العضوي على رفع النفقات المرتبطة بالحملة الانتخابية بالنسبة لمختلف الاستحقاقات قصد تكفل أفضل بالنفقات المرتبطة بنشاطات المترشحين. و في هذا الإطار, حدد مشروع القانون في مادته 192 نفقات حملة المترشح للانتخابات الرئاسية بما لا يزيد عن مائة مليون دينار في الدور الأول ليرتفع إلى مائة و عشرون مليون دينار في الدور الثاني. أما فيما يتعلق بالانتخابات التشريعية فإنه "لا يمكن أن تتجاوز نفقات الحملة الانتخابية لكل قائمة حدا أقصاه مليون و خمسائة ألف دينار عن كل مترشح". رئاسة المجلس الشعبي الوطني تحيل مشروعين قانونين يتعلقان بالانتخابات على اللجنة المختصة وأحالت رئاسة المجلس الشعبي الوطني يوم الخميس الفارط "بعد التشاور مع المكتب مشروعي قانون على اللجنة المختصة بعد ارسالهما من الحكومة" حسبما أفاد به يوم السبت بيان للمجلس. وأوضح ذات المصدر أن الأول يخص" مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات" وأما الثاني فيخص"مشروع القانون العضوي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات" وذلك بالاضافة الى "مشاريع القوانين الأخرى المدرجة في جدول أعمال المجلس".