عرف الوضع الامني في ليبيا تطورا جديدا بعدما نجحت قوات "البنيان المرصوص" التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية في اقتحام حي "الجيزة البحرية"، آخر معاقل تنظيم "داعش" الإرهابي في مدينة سرت (شمال وسط) محققة تقدما على الأرض الامر الذي يبعث الامل في استتباب الامن و الاستمرار في العملية السياسية لحل الأزمة. وبغرض بناء توافق من أجل إخراج البلد من الأزمة و تداعياتها اعتبر محللون سياسيون ان الرسالة الأساسية للقوى الدولية والإقليمية أصبحت تفيد أن الأولوية الآن في ليبيا تكمن في الأمن والاستقرار ومواجهة خطر تنظيم "داعش" وأن القوة أو القوى القادرة على تأمين تحقيق هذه الأولوية هي التي ستصنع السلام في ليبيا الجديدة. وتحت غطاء جوي ليبي-أمريكي كثيف تم تحقيق تقدما على الأرض وتحرير عدد من الرهائن بينهم أطفال بعدما أقدمت القوات على اقتحام حي الجيزة البحرية (أقصى شمال سرت) بالتوازي مع ضربات جوية دقيقة وكثيفة". وهنا أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن الغارات الجوية التي تشنها الطائرات الأمريكية ضد تنظيم "داعش" في مدينة سرت الليبية، التي دخلت شهرها الثالث "طالت أكثر مما كان متوقعا". وبحسب القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، فقد شنت الطائرات الأمريكية عدد من الغارات، بينما تم التأكيد على ان وتيرة الغارات تقررها حكومة الوفاق الوطني، حيث بلغت العملية العسكرية الجزء الأخير من المدينة الأكثر كثافة". وتمكنت المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق من استعادة أغلب أنحاء سرت، باستثناء حي واحد لا يزال في قبضة مسلحي "داعش". و رغم الجهود الامنية النشطة من أجل وقف نزيف الدم الليبي إلا أن بعض المدن تشهد بين الحين و الاخر تفجيرات و أعمال عنف لتنظيم "داعش" الإرهابي ما يتسبب في سقوط قتلى و جرحى و ايضا تضييق الحصار على بعض المنافذ الأمر الذي يعيق وصول المساعدات الإنسانية و تقليص مهام العاملين في قطاع الصحة. جهود دبلوماسية دولية لاحتواء الازمة في ليبيا لا زالت المساعي الدولية من اجل احتواء الازمة في ليبيا مستمرة حيث اعتبرت الزيارة الاخيرة لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، الى الجزائر فرصة جديدة للبلدين من اجل مواصلة التشاور بشأن العمل المشترك وتبادل الرؤى وبالخصوص حول التطورات السياسية بليبيا حيث تمت الدعوة من جديد الى مصالحة حقيقية بين ابناء الشعب الليبي باعتباره المسؤول الوحيد على حل الأزمة التي تمر بها بلادهم. وقد حرص الوفد الليبي خلال زيارته التي دامت يومين، استقبل خلالها السيد السراج من طرف رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، على ابراز أهمية التشاور ومشاركة الرأي مع الجزائر التي كما قال عنها محمد طاهر سيالة وزير الخارجية في حكومة الوفاق الليبية "تعودنا منها دائما على كل الدعم خاصة في هذه المرحلة التي تمر بها ليبيا والتي نحتاج فيها أيما احتياج لدعم الجزائر" . وجدد رئيس الديبلوماسية الليبية في تصريحاته على ضرورة تقرير ليبيا لمستقبلها بنفسها، و وصف الديبلوماسية الليبية الحالية بانها "ديبلوماسية اقناع الاخرين بأن يتركوا ليبيا وشانها ليقرر الليبيين مستقبلهم" داخليا أبدى المسؤول الليبي أملا في أن "يلتزم كل طرف بالمهمة الموكل اليه" في اشارة الى مسألة التجاذب الحاصل بين السلطة السياسية والسلطة العسكرية بليبيا، مشددا على ضرورة أن تمتثل هذه الأخيرة إلى السلطة الاولى. من جهتها، أكدت فرنسا على لسان المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال على وجود مشكلات داخلية تحول دون توحيد كل الليبيين، مشيرا إلى دعم بلاده والمجتمع الدولي لحكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج. أما تونس فقد أكد الرئيس الباجي قائد السبسي، انه "على الليبيين ايجاد حل للازمة التي تعصف ببلدهم" مشيرا الى ان الوضع في ليبيا وانعكاساته "السلبية" يهم تونس بالنظر الى العلاقات التاريخية بين البلدين معرب عن أمله في أن "تتوصل الحكومة والأطراف الاجتماعية إلى إيجاد التوازن الضروري بين خلق الثروة، وتقاسم النجاحات، وكذلك التضحيات عند الضرورة". أوضاع انسانية صعبة في ليبيا الوضع الإنساني في ليبيا يزداد تعقيدا في ظل اعمال العنف التي يقف وراءها تنظيم"داعش" الارهابي و التنظيمات المتطرفة الأخرى الأمر الذي يعيق مهام المنظمات الإنسانية في إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين و كذا مهام طواقم الصحة. ومن هذا المنطلق، دعا مبعوث الاممالمتحدة الى ليبيا مارتين كوبلر الى هدنة انسانية في حي قنفودة ببنغازي،معربا عن قلقه الشديد حيال تقارير تتحدث عن وجود مدنيين وسط نيران المتحاربين و يعانون من نقص في المواد الغذائية و الماء و الادوية". وستمكن الهدنة الانسانية -حسب كوبلر-من الوصول الى من هم في امس الحاجة للمساعدات وكذا انشاء رواق أمني للسكان الذين يرغبون في مغادرة المنطقة بكل أمان مؤكدا ان حماية المدنيين هي اولوية الأولويات و ان البعثة الاممالمتحدة مستعدة للتكفل بعملية الاجلاء. كما شدد المبعوث الاممي على ان "القانون الانساني و الدولي حرما استخدام المدنيين كأدرع انسانية و اطلاق هجمات عشوائية و ان مثل هذه الانتهاكات ستعتبر جرائم حرب و سيتم محاسبة مرتكبيها مؤكدا في الوقت ذاته على انه لا يمكن انتظار الاتفاق السياسي الليبي للنظر في الوضع الصحي في البلاد. وتعاني ليبيا حاليا من أزمة خانقة في القطاع الصحي وصلت إلي نفاذ معظم الادوية من مخازنها بسبب عدم توريدها من قبل السلطات المنقسمة ناهيك عن إغلاق معظم المستشفيات الحكومية بسبب معارك تجري في عدة مدن أهمها بنغازي ثاني أكبر مدن البلاد.