لم تخل الملاعب الجزائرية، على مدار سنة 2016، من ظاهرة العنف ككل عام، غير أن هذه المرة أخذت أبعادا مقلقة وفي بعض الأحيان خطيرة، مما جعل الفاعلين في هذا المجال يسارعون في التشاور للخروج بقرارات صارمة للحد منها. ومثلما حدث في 2015، فإن "دار لقمان" بقيت على حالها، فبعدما جرت 34 مباراة دون جمهور (9 منها لشبيبة القبائل)، لم تتغير الأوضاع بل زادت في حدتها سنة 2016. كما ارتفع عدد الجرحى خلال مرحلة ذهاب الموسم الحالي إلى 116 منهم 56 شرطيا، مقارنة مع العام الماضي الذي عرف تسجيل 95 مصابا منهم 64 من رجال الأمن، حسب أرقام للمديرية العامة للأمن الوطني. و ك"دواء فعال" للحد من الظاهرة الخطيرة التي يتسبب فيها أشباه الأنصار، إرتأت الهيئة المسيرة لمباريات الرابطتين الأولى والثانية لتسليط العقوبة المعروفة والتي باتت من "تقاليد" الرابطة المحترفة، وهي إجراء المواجهات الكروية دون جمهور، كعقوبة للفريق الذي يتسبب أنصاره في إحداث عنف وشغب. هذه القرارات "قتلت" نكهة الأجواء الحماسية للمباريات الكبيرة سيما الداربيات المحلية، حسب الكثيرين، لكن رئيس الرابطة المحترفة محفوظ قرباج أكد أن "العودة إلى المباريات دون جمهور هي نتاج العنف الممارس في الملاعب وعلينا أن نكون أكثر صرامة في تطبيق ذلك". هذا القرار ترفضه الأندية، حيث ترى فيه "عقابا جماعيا" لكل من الجمهور وكذا اللاعبين الراغبين في دعم مناصريهم. وعلى إثر توالي عدد اللقاءات دون جمهور، راح رؤساء ومسؤولو الأندية يفكرون في إيجاد حلول بديلة والدخول في مرحلة جديدة في التنظيم لاجتثاث هذه الظاهرة. وعشية انطلاق البطولة الوطنية لموسم 2016-2017، اتخذت المديرية العامة للأمن الوطني قرارا ينص على الانسحاب التدريجي لعناصرها من تأمين المقابلات لفسح المجال أمام أعوان الملاعب، نتجت عنه أعمال عنف خطيرة في عدة ملاعب خلال الجولة الأولى التي جرت يومي 16 و 17 أغسطس. الفاف "تدخل في حرب" على العنف في الملاعب من جهتها حثت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم (الفاف) الرابطة الوطنية على عدم التساهل تجاه أي فريق يتسبب أنصاره في أعمال شغب لضمان سيرورة جيدة للمباريات. وراحت الفاف في تشديد عقوباتها حيث قررت حرمان الفريق المخالف من ميدانه وجمهوره لبعض المباريات وفي حال تكرر مشاهد العنف فإن الملعب سيغلق نهائيا لغاية نهاية الموسم الكروي. وتعد مولودية بجاية أول فريق تطبق عليه هذه العقوبة بعد حرمان جمهورها من الدخول لأربعة لقاءات وإبعادها عن ملعبها لمباراتين، على خلفية الأحداث التي عرفتها مواجهة الفريق لمولودية وهران (0-0) في الجولة ال12. وبدورها، نشطت المديرية العامة للأمن الوطني مؤخرا يوما دراسيا لتعزيز الأمن والروح الرياضية بين المناصرين لتفادي ما وقع مثلا في ملعب 5 جويلية عندما فقد مناصر لمولودية الجزائر بصره و السعي من أجل الخروج بحلول للحد من الظاهرة. وخلاله، دعا المشاركون إلى اتخاذ تدابير أخرى على غرار إعادة بعث مهام لجان الأنصار في سبيل إيقاف هذه الظاهرة كون هذه الهيئة هي الأقرب إلى الجماهير. وهو ما كشفه ممثل وزارة الشباب والرياضة، الذي قال بأن الوصاية "ألزمت جميع الأندية بتأسيس لجنة أنصار خاصة بها قبل 31 ديسمبر 2016". وحسبه، فإن الهدف هو "تنظيم عملية توافد المناصرين إلى الملاعب وخروجهم منها والتحكم فيهم لتفادي العنف". وتأمل جميع الأطراف أن تشهد سنة 2017 تراجعا في أحداث العنف إلى غاية زوالها من خلال الحملات التي تقودها الأطراف الفاعلة لتحقيق الأهداف المرجوة.