أبرز وزير الشؤون المغاربية و الاتحاد الافريقي و جامعة الدول العربية عبد القادر مساهل يوم الاربعاء في زافيدوفو (روسيا) أهمية تطوير الشراكة الثنائية و الاقليمية و الدولية في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان مجددا في هذا الصدد أن الجزائر "لن تدخر جهدا لتحقيق هذه الغاية". وقال السيد مساهل في مداخله له حول "الجريمة المنظمة العابرة للأوطان" خلال الاجتماع الدولي ال 8 للمسؤولين السامين المكلفين بقضايا الأمن أن "الجريمة المنظمة العابرة للأوطان أفة في أوج انتشارها على الصعيدين الاقليمي و الدولي و قائمة القطاعات التي تستغلها النشاطات الاجرامية العابرة للأوطان تتسع أكثر فأكثر و كذلك الأمر بالنسبة للقاعدة الاقليمية لهذه النشاطات". و أوضح السيد مساهل أن "الجهود التي تبذلها بلداننا في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان تقتضي على غرار مكافحة التهديد الارهابي تطوير الشراكة الثنائية و الاقليمية و الدولية حول محاور ذات اولوية ستساهم نقاشاتنا الحالية -وأنا على قناعة بذلك- في تحديدها في اطار التوصيات النهائية لهذا اللقاء". و أشار مساهل أن " الأمن السيبرياني في سياق التطور السريع لتكنولوجيات الاعلام و الاتصال و كذا الجريمة المنظمة العابرة للأوطان هي حقائق تستوقف بإلحاح بلداننا فرديا وجماعيا بهدف التكفل بها على الاصعدة الوطنية و الاقليمية و الدولية في اطار مسارات تعاون تكون أكثر استهدافا و أكثر تنسيقا". و استرسل يقول أن "المحنة الانسانية لرجال و نساء و اطفال دفعت بهم النزاعات المسلحة و الفقر المدقع و التسيير السيء إلى دروب المنفى و الهجرة غير الشرعية جعلت من انتهاكات حقوق الانسان تجارة مزدهرة لشبكات الجريمة المنظمة العابرة للأوطان". و قائل في هذا السياق أن "القرصنة و البيئة و اختطاف الرهائن مقابل دفع الفديات و كذا تهريب الممتلكات الثقافية هي من الميادين الاخرى العديدة التي تستهدفها هذه الجريمة المتنامية" . و أشار الوزير أن المنظمات الاجرامية "تتحلى أيضا بالبراعة من خلال استغلال تقدم العلم بالخصوص تطور تكنولوجيا الاعلام و الاتصال لصالحها" موضحا في هذا السياق بأن "هذه الجماعات تنشط عبر الانترنيت و تستعمله في خدمة نشاطاتها الاجرامية". و أضاف السيد مساهل أن هذه المنظمات الاجرامية العابرة للأوطان "تتحالف مع الجماعات الارهابية وتتعاون فيما بينها مما يزيد من حدة التهديد الذي تشكله على السلم و الاستقرار و الامن الدوليين". و اعتبر السيد مساهل أن إضفاء الانسجام و التنسيق على التشريعات الوطنية و تعزيز الوقاية و تكثيف المساعدة للدول الأكثر عرضة وكذا وضع الانترنيت في منأى عن استغلالها من طرف المنظمات الاجرامية العابرة للأوطان "هي البعض من السبل التي يمكن للتعاون الدولي أن يتطور حولها". و ذكر في هذا الصدد بالتوصية "الهامة" التي قدمتها باقتراح من الجزائر الورشة الدولية حول دور الأنترنيت و شبكات التواصل الاجتماعي في مكافحة الإرهاب التي احتضنتها الجزائر السنة الماضية و هي التوصية المتعلقة بإشراف الأممالمتحدة على وضع ميثاق دولي توافقي لحماية استغلال الأنترنيت من طرف الجماعات الإرهابية موضحا أن هذا الميثاق "يمكنه أن يشمل أيضا النشاطات الإجرامية العابرة للحدود". و بخصوص الجزائر أكد السيد مساهل أن بلدنا "الذي يقع في فضاء جيوسياسي يتميز اليوم و للأسف بعدم الاستقرار يسجل منذ بضع سنوات انتشارا قويا لنشاطات مرتبطة بالجريمة المنظمة العابرة للأوطان" مشيرا إلى أن الأمر يتعلق ايضا بتنامي الاتجار غير الشرعي بالمخدرات و التهريب و الهجرة غير الشرعية. و أوضح في هذا السياق أن "هذه الجريمة بلغت نسبتها 13% سنة 2015 من مجموع الجرائم التي تمت معالجتها". و لدى التطرق إلى الاتجار غير الشرعي بالمخدرات اشار الوزير أنه عرف "نموا ملحوظا بين سنتي 2010 و 2015 مع حجز 465 طن من القنب الهندي القادم كله من الحدود الغربية" مضيفا أن هذه الظاهرة تبين أن الجزائر تبقى منطقة عبور للقنب الهندي الذي تنقله المنظمات الاجرامية عبر منطقة الساحل نحو الوجهات النهائية و المتمثلة أساسا في أوروبا و الشرق الأوسط". و أوضح بخصوص المخدرات الصلبة الكوكايين و الهيرويين أن ظهورها بالجزائر يعد مؤشر يعكس تهديدا جديدا على بلادنا بالنظر لموقعه الجيوستراتيجي و الترابط بين شبكات الكوكايين القادمة من أمريكا اللاتينية و الهيرويين من افغانستان و القنب الهندي من الحدود الغربية باتجاه اوروبا". أما فيما يخص تدفق الهجرة غير الشرعية ابرز السيد مساهل أن "الجزائر التي تعد بلد منشئ و عبور قد اصبحت اليوم بلد وجهة للألاف من رعايا البلدان الافريقية خاصة الحدودية منها و للاجئين السوريين الفارين من الحرب التي تعصف بلادهم". وقال أن "هذه الهجرة عرفت ارتفاعا معتبرا منذ 2011 بسبب النزاعات في مالي و ليبيا و كذا في كامل شريط الساحل الصحراوي نتيجة تنامي التهديد الارهابي لجماعة بوكو حرام و غيرها من الجماعات الارهابية و كذا استمرار الفقر و التقلبات البيئية لاسيما بسبب الجفاف" مشيرا إلى أن هذه الهجرة "يتم استغلالها بشكل كبير من طرف شبكات الجريمة المنظمة العابرة للأوطان من خلال تطوير شبكات مهربين تنشط على طول مختلف مسالك الهجرة مما جعل البلاد تسجل تطور عدة نشاطات اجرامية وانعدام الأمن". و ذكر الوزير بالإجراءات التي اتخذتها الجزائر لمواجهة هذه التحديات مشيرا أساسا إلى تعزيز الترسانة التشريعية و مطابقتها للمعايير الدولية من خلال الانخراط إلى الأجهزة الدولية الرئيسية ذات الصلة و تعزيز و تكييف أجهزة مراقبة الحدود بما فيها البحرية و تطوير و عصرنة مؤسسات التكوين لا سيما عبر انشاء مدرسة لشرطة القضائية للدرك الوطني و استحداث قطب علمي و تقني جديد مكون من المعهد الوطني للأدلة الجنائية و علم الاجرام و مركز للبحث و التطوير و قسم للتوثيق و القضاء. من جهة أخرى ذكر السيد مساهل بانعقاد ورشة للبلدان المتوسط اعضاء مجموعة "5+5" بالجزائر يومي 9 و 10 مايو الفارط خصصت لموضوع امن الفضاء الالكتروني و الجريمة المنظمة العابرة للأوطان. و اختتم الوزير أنه "في مجال محاربة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان سمح هذا اللقاء ببلورة توصيات ذات أهمية كبرى بالنسبة لأشغالنا الحالية و منها تبادل الخبرات و ترقية التعاون الثنائي و الاقليمي و تطوير فعالية الاجراءات الردعية و تنسيق الأنظمة القضائية و كذا تطوير التعاون في مجال استهداف و تجفيف الموارد المالية للجماعات الاجرامية".