يتوجه قائد وساطة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) لحل الأزمة في مالي، جودلاك جوناثان، يوم الأربعاء المقبل إلى باماكو، لتقييم تطورات الوضع عقب القمة المصغرة التي عقدها قادة دول المجموعة قبل أيام في عاصمة غانا أكرا، والتي جددوا من خلالها التأكيد على ضرورة تسليم الحكم في مالي إلى "سلطة مدنية "، عقب التغيير "غير الدستوري" الذي شهدته البلاد شهر أغسطس الماضي. وتأتي هذه الزيارة لتقييم الوضع في مالي عقب ما أفضى اليه الاجتماع التشاوري الذي عقده قادة (إيكواس) يوم الثلاثاء الماضي في أكرا، والذي اشترط - في بيانه الختامي - تعيين رئيس للبلاد ورئيس وزراء من المدنيين، لتسيير المرحلة الانتقالية ، ليتم رفع العقوبات المفروضة. إقرأ أيضا: السيد بوقدوم في زيارة عمل للنيجر بتكليف من رئيس الجمهورية وكانت (ايكواس) قد أمهلت خلال قمتها في نيامي بالنيجر، المجلس الحاكم في مالي إلى غاية 15 سبتمبر، تحت طائلة العقوبات، لتسليم السلطة للمدنيين، لقيادة الفترة الانتقالية في البلاد، غير أن "المجلس الوطني لإنقاذ الشعب" الحاكم في مالي، أخفق في الالتزام بهذا الموعد، لتمدد على إثرها الوساطة مهلتها، لمدة أسبوع تنتهي غد الثلاثاء، حسب مصادر مطلعة. و صرح المتحدث باسم "المجلس الوطني لإنقاذ الشعب" الحاكم في مالي، العقيد إسماعيل واغي، عقب مشاركته في اجتماع بآكرا، أن "المجلس أخبر مجموعة (إيكواس) بوضوح أننا في خدمة الشعب. ونظرا لكون الغالبية تحدثت عن انتقال عسكري، اقترحنا أن نذهب في هذا الاتجاه. و أضاف " خيارنا المعلن هو أن نكون إلى جانب الأغلبية، غير أن المجموعة رفضت ذلك، فلم نتمكن من اتخاذ القرار على الفور، ووعدنا بالعودة والمناقشة وفقا لما هو وارد في ميثاق (المرحلة الانتقالية)". وتنص الوثيقة المذكورة (الميثاق) التي تم تبنيها في نهاية "أيام المشاورات الوطنية"، على تمكين كل من المدنيين والعسكريين من قيادة الانتقال السياسي في مالي، غير أن الوساطة تصر على ضرورة تسليم الحكم لطرف مدني. وفي غضون ذلك، يكثف "المجلس العسكري" الحاكم في مالي ، مشاوراته قبل انقضاء مهلة (إيكواس)، لا سيما مع حركة (5 يونيو) التي رفضت نهاية الأسبوع الماضي، مقترحات المجلس العسكري، قبل أن تغير موقفها بعد اجتماع جديد أول أمس السبت، وتؤكد على إثره أن "المناقشات تسير في الاتجاه الصحيح". وتم خلال الاجتماع - الذي عقد في لجنة مصغرة - إعادة قراءة ميثاق الانتقال ومناقشة النقاط محل الخلاف. و قال أحد المشاركين عن حركة (5 يونيو) - التي قادت احتجاجات واسعة ضد الرئيس السابق أبو بكر كايتا ، مهدت للإطاحة به من قبل العسكريين في 18 أغسطس الماضي :" لقد استمعوا إلينا، وسنجتمع مرة أخرى اليوم للتأكد من أن تعديلاتنا ستؤخذ في الاعتبار بشكل فعال"، فيما أكد المجلس العسكري، في هذا الصدد أنه "في صدد دراسة مطالبهم". ومن المقرر أن يجتمع اليوم الاثنين، الفريق المسؤول عن تعيين قادة المرحلة الانتقالية المقبلة في مالي. الجزائر في تواصل دائم مع مالي لإيجاد حل سريع للأزمة وكعادتها، كثفت الجزائر جهودها من أجل ضمان عودة سلسة للحكم المدني في هذا البلد، وفقا للشرعية الدستورية. وبهذا الخصوص، أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الأحد، خلال لقاء مع وسائل إعلام وطنية ، أن " الجزائر تتابع عن كثب ما يجري في مالي وتتواصل معها بشكل مستمر"، معربا عن أمله في "أن تكون الفترة الانتقالية مقلصة إلى أدنى حد وأن يكون على رأس الدولة شخصية مدنية (...)"،ومؤكدا أنه " لا وجود لحل بشمال مالي سوى بالرجوع إلى الاتفاق الذي احتضنته الجزائر، وكذا الشرعية الدستورية بهذا البلد". إقرأ أيضا: السيد بوقدوم يتحادث بباماكو مع ممثلي تنسيقية حركات الأزواد وأرضية الحركات وإطار هذه الجهود، أوفد السيد الرئيس، وزير الشؤون الخارجية، صبري بوقدوم، أمس إلى باماكو، في زيارة عمل، أجرى خلالها سلسلة من المحادثات مع المسؤولين الماليين والفاعلين الدوليين حول الوضع السائد في هذا البلد. فقد تباحث السيد بوقادوم، مع كل من رئيس بعثة الأممالمتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) صلاح النظيف، ورئيس بعثة الاتحاد الأفريقي في مالي والساحل بيير بويويا، وممثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) وممثل الاتحاد الأوروبي و ممثلين عن الدول الأعضاء الدائمين الخمس لمجلس الأمن. كما أجرى محادثات مع وفد من " اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب"، ضم رئيس اللجنة أسيمي غويتا، ونائبه مالك دياو، الناطق الرسمي للجنة، اسماعيل واق، ومع عدة فاعلين ماليين آخرين، ممثلين في الوزير الأول السابق لجمهورية مالي سومايلو بوباي مايغا، وكذا الذهبي ولد سيدي محمد الوزير السابق ورئيس اللجنة المكلفة بنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج لاتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، ومع سيدي ابراهيم ولد سيداتي رئيس وفد تنسيقية حركات الأزواد بلجنة متابعة اتفاق الجزائر التي ترأسها الجزائر، وكذا قائد حركة (5يونيو) الإمام محمود ديكو، ورئيس حزب " التوافق من أجل تطوير مالي" حسيني أميون غيندو. وسمحت هذه اللقاءات للسيد بوقادوم، ب"عرض الموقف الجزائري بخصوص الوضع السائد في مالي لاسيما ضرورة الحفاظ على الاستقرار في هذا البلد الشقيق و المجاور من خلال انتقال هادئ يسمح باستتباب النظام الدستوري ويكون في مستوى تطلعات الشعب المالي"، والتأكيد على أهمية "إيلاء الأولوية لمرافقة مالي بغية تجنيب الشعب المالي المزيد من الآلام". كما شكلت هذه المحادثات مناسبة للتطرق إلى الوضع في مالي على ضوء المشاورات الأخيرة التي عقدت في العاصمة باماكو وقرارات القمة الأخيرة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، جدد خلالها السيد بوقادوم، "استعداد الجزائر لمواصلة دعمها للأشقاء الماليين كما فعلت في الماضي، في جهودهم لقيادة انتقال هادئ وسلمي". ومن جهتهم أعرب المشاركون عن " تقديرهم للجزائر على التزامها الفعلي و وقوفها إلى جانب مالي و كذا دورها المدعم للاستقرار في المنطقة" و أبدوا ارتياحهم ل"هذا الالتزام الثابت". وبدورهم، أكد ممثلوا تنسيقية حركات الأزواد وأرضية الحركات الموقعين على اتفاق السلم والمصالحة بمالي المنبثق عن مسار الجزائر، لبوقادوم، حرصهم على التنفيذ الفعلي لاتفاق الجزائر الذي "يبقى السبيل الأمثل من أجل عودة دائمة للاستقرار، والإطار المناسب لمواجهة عديد التحديات التي تواجهها مالي".