تشهد الأزمة الأوكرانية و التوتر الروسي-الغربي بشأنها، منحا تصاعديا، تخللته مواجهات كلامية بين الطرفين الأمريكي و الروسي، وتبادل الاتهامات بتأجيج الوضع، فيما تستمر الضغوط الغربية على روسيا بين التهديد بالتصعيد العسكري و التلويح بعقوبات "ضخمة". و في جلسة مفتوحة لمجلس الأمن, يوم الاثنين, بطلب من الولاياتالمتحدة لمناقشة الأزمة الأوكرانية, عبّرت كل من واشنطن و موسكو عن الشكاوى التي تخصها وسط مواجهات كلامية عاصفة بين الطرفين. وفيما أشارت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة, إلى حجم حشد القوات الروسية على طول الحدود الاوكرانية, اتهم السفير الروسي واشنطن بتأجيج "هستيريا الحرب". و في هذا السياق قال السفير الروسي لدى الأممالمتحدة، فاسيلي نيبينزيا, إنه لا يوجد دليل على عمل عسكري ضد أوكرانيا, مضيفا عن اجتماع أمس: "نحن لا نفهم ما نناقشه هنا اليوم ولماذا نحن هنا بالفعل اليوم..". و اتهم واشنطن وحلفائها الغربيين بإثارة التصعيد من خلال تأجيج "الهستيريا" وخلق "توتر زائف" في المنطقة. كما شكك نيبينزيا في تقدير وجود 100 ألف جندي على الحدود الروسية-الأوكرانية, كما ذكر في وقت سابق في الاجتماع لسفيرة الولاياتالمتحدة ليندا توماس غرينفيلد. و تتهم واشنطن ودول غربية وكييف, موسكو بنشر نحو 100 ألف جندي, وأعداد كبيرة من الآليات ومنظومات صاروخية بينها منظومة "إس-400" قرب حدود جارتها الغربية استعدادا لمهاجمتها. لكن موسكو تنفي ذلك, وتعدّه مجرد دعاية غربية, وتتهم كييف -في المقابل- بالتحضير لعملية عسكرية ضد الانفصاليين الموالين لموسكو في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا. في المقابل, ردت السفيرة الأمريكية غرينفيلد, قائلة إن "الاستفزازات" من موسكو وليست من الولاياتالمتحدة أو أعضاء آخرين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة, مشيرة إلى أن "العدوان الروسي اليوم لا يهدد أوكرانيا فقط. إنه لا يهدد أوروبا فقط. إنه يهدد النظام الدولي المكلف بدعم هذه الهيئة". و أكدت السفيرة الأمريكية على أن واشنطن وحلفائها يأملون في حل الوضع سلميًا من خلال الحوار وبدون مواجهة, لكنها حذرت من أنهم سيكونون "حاسمين وسريعين وموحدين في حالة غزو روسيالأوكرانيا". و كان السفير الروسي طلب إلغاء الاجتماع, واصفا الاتهامات الموجهة لروسيا بأنها "خرافة"، معتبرا أن الاجتماع هو "مثال كلاسيكي لدبلوماسية الميكروفون" على أساس "اتهامات لا أساس لها من الصحة دحضناها بشكل متكرر". و بالتوازي مع الاتهامات الأمريكيةلموسكو بالاستمرار في التصعيد، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن مشرّعين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي يقتربون من الاتفاق على قانون لفرض حزمة عقوبات اقتصادية على روسيا إذا غزت أوكرانيا. و قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بوب مينينديز -في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" - إن لدى الحزبين تصميما على أن تكون العواقب شديدة على روسيا إذا غزت أوكرانيا, مضيفا أن المشرعين يعملون حاليا للبناء على مشروعي قرارين يشملان عقوبات "ضخمة" ضد أهم البنوك الروسية لشل الاقتصاد الروسي. وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن توعد روسيا بعقوبات قاسية في حال أقدمت على مهاجمة جارتها الغربية. من جهتها, استنكرت موسكو التهديدات الصادرة عن بايدن، مؤكّدة أن مثل هكذا خطوة ستكون تداعياتها مدمّرة. == تحرك دبلوماسي لنزع فتيل مواجهة محتملة== و قلل الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف من شأن التهديدات الأمريكية, مشيراً إلى أنّه يُمنع أساساً على كبار المسؤولين الروس امتلاك أصول في الخارج. لكنّه شدد مع ذلك على أنه من شأن خطوة من هذا القبيل أن تضرّ بدرجة كبيرة بالجهود الدبلوماسية الرامية لنزع فتيل التوتر حيال أوكرانيا. وأوضح بيسكوف : "سياسيًا, هذا الأمر ليس مؤلمًا, إنه مدمّر". و سبق للكرملين أن أشار إلى أنّ أي عقوبات أمريكية تستهدف بوتين شخصياً ستمثّل تجاوزاً للخط الأحمر, محذراً من أنّ مثل هكذا خطوة ستؤدي إلى انقطاع العلاقات الثنائية. و في إطار التحركات الدبلوماسية الرامية إلى نزع فتيل مواجهة محتملة, قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه سيبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, في مكالمتهما الهاتفية المرتقبة هذا الأسبوع, أن الجميع بحاجة إلى التراجع عن حافة الهاوية, وأن أي اجتياح لأوكرانيا سيمثل كارثة مطلقة لروسيا والعالم. و وفقا لصحيفة "ذا ميرور" البريطانية, ينتظر أن يزور جونسون يوم الثلاثاء كييف للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي, وسترافقه وزيرة الخارجية ليزتروس التي تسافر لاحقا إلى موسكو للقاء نظيرها الروسي سيرغي لافروف. و في غضون ذلك, أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية, أنه من المتوقع أن يتحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع نظيره الروسي سيرجي لافروف اليوم الثلاثاء. و قال المتحدث : "نتوقع أن تتاح للوزير فرصة التحدث عبر الهاتف مع وزير الخارجية لافروف صباح الغد". و ستكون المكالمة الهاتفية هي أول محادثة بين كبار الدبلوماسيين منذ أن قدمت الولاياتالمتحدة ردها الكتابي إلى روسيا, الأربعاء الماضي. و كانت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام, روزماري ديكارلو, في كلمتها أمام الدول الأعضاء في مجلس الأمن ليلة أمس بحسب مركز إعلام الأممالمتحدة- قد أكدت أنه لا يمكن أن يكون هناك بديل للدبلوماسية والحوار في حل الأزمة, خاصة بعد أسابيع من تفاقم التوترات حول أوكرانيا.