ولدت الاحكام الصادرة بحق الاساتذة المفروض عليهم التعاقد بالمغرب, ردود فعل حقوقية قوية بالمملكة أدانت الردة الحقوقية المتواصلة بالبلاد واستمرار النظام المخزني في سياسة الاستقواء عبر الاعتقال والتخويف والترهيب لتمرير مشاريعه اللاشعبية. و يعيش قطاع التعليم حالة من الاحتقان الشديد حيث تعالت الاصوات المطالبة بتكثيف المبادرات النضالية المشتركة للدفاع عن الحقوق والحريات, والتصدي للهجوم على الحق في التعبير عن الرأي والاحتجاج السلمي. و اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان, الأحكام الجائرة الصادرة الجمعة الماضية في حق الأساتذة المفروض عليهم التعاقد أنها "حلقة إضافية من ضمن سلسلة التراجعات والردة الحقوقية". و طالب الفرع المحلي للجمعية بزاكورة في بيان له, بإسقاط كل التهم الصورية وتبرئة المتابعين. وقال أن "الذين يجب إدانتهم هم الفاسدون ولصوص المال العام", مجددا مطالبته الدائمة بإطلاق سراح جميع معتقلي الحركات الاجتماعية والصحفيين والمدونين, باعتبار ذلك "الخطوة الأولى نحو المصالحة والعدالة". و أصدرت محكمة الاستئناف بالرباط, الجمعة المنصرم, أحكامها في حق 10 أساتذة توبعوا على خلفية مشاركتهم في احتجاجات, دعت لها التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد بالعاصمة. و تتواصل معركة الأساتذة و أطر الدعم للمطالبة بحقوقهم العادلة والمشروعة و ادماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية وتحقيق استقرار وظيفي ومهني لهذه الفئة, إسوة بزملائهم الرسميين. و من اجل هذا الهدف, سطرت التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد برنامجا نضاليا, يتضمن خوض إضراب وطني يومي 1 و 2 فبراير, يكون مرفوقا بأشكال نضالية إقليمية يعلن عن طبيعتها حسب الأقاليم, وحمل الشارات, مع تجسيد وقفات خلال فترات الاستراحة يوم 13 فبراير تزامنا مع جلسة محاكمة 20 أستاذا و أستاذة. كما تقرر خوض اضراب وطني يومي 20 و 21 فبراير مرفوق بأشكال نضالية جهوية أو قطبية, مع إنزال وطني بالرباط في 13 مارس. من جهتها, نبهت النقابة الوطنية للتعليم الى أن "الأحكام الجائرة" بحق اساتذة التعاقد هي "مؤشر خطير يؤكد تراجع هامش الحريات في البلاد, و استمرار المقاربة الأمنية والضبطية في التعاطي مع الاحتجاجات السلمية". و أدانت النقابة التعليمية في بيان لها الحكم بسنة حبس موقوفة التنفيذ على كل من الأساتذة العشرة, و اعتبرت أن عرضهم على أنظار المحاكم يأتي دون وجه حق, فتهمتهم الوحيدة هي الاحتجاج السلمي والتعبير عن مطالب عادلة ومشروعة وعلى رأسها الإدماج في الوظيفة العمومية. و دعت النقابة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل, كافة القوى الديمقراطية إلى اتخاذ مبادرات نضالية مشتركة للدفاع عن الحقوق والحريات, والتصدي للهجوم على الحق في التعبير عن الرأي والاحتجاج السلمي. "أحكام انتقامية لن توقف نضال الأساتذة" بدورها, استنكرت التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد بشدة الأحكام "الانتقامية" التي أصدرتها استئنافية الرباط في حق 10 من أساتذة التعاقد و اكدت ان كل محاولات فرض الحظر العملي على نضالات التنسيقية, "لن تثني الأساتذة عن مواصلة النضال حتى تحقيق الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية, وإسقاط مخطط التعاقد". و اعتبر أساتذة التعاقد ان هذه الإدانة الجديدة هي استمرار لمسلسل التضييق على كل أشكال الاحتجاج السلمية, حيث تواصل الدولة هجومها على الأصوات الحرة المطالبة بحقوقها العادلة والمشروعة, بأشكال بائدة بغية ترهيبها وإيقاف حركيتها النضالية. و شددت التنسيقية على أن تهمة الأساتذة الحقيقية والوحيدة هي الاحتجاج السلمي للمطالبة بحقهم في الإدماج بأسلاك الوظيفة العمومية, والذي جاء اتفاق "14 يناير" بين الوزارة الوصية والحكومة وبمباركة من "البيروقراطيات النقابية" ليجهز على ما تبقى منه. و يتهم الأساتذة المتعاقدون, الحكومة ووزارة التعليم بانتهاج سياسة الآذان الصماء والهروب إلى الأمام تجاه مطالبهم بالإدماج في الوظيف العمومي. وجرت مجموعة من الحوارات بين الأساتذة المتعاقدين والوزارة ولكن مخرجاتها لم تستجب لمطالبهم. و يعود ملف هذه الفئة التي تضم أكثر من 85 ألف مدرس, إلى عام 2016, مع نهاية ولاية الحكومة التي كان يترأسها حزب العدالة والتنمية التي اختارت إطلاق نظام التعاقد أمام حاملي الشهادات العليا بدل التوظيف العمومي. و في عام 2017 طفت الأزمة إلى السطح عندما تم طرد أستاذين بشكل تعسفي بدون إشعار أو تعويض كما جاء في العقود. و يتمثل لب الإشكال, بحسب الأساتذة المتعاقدين, في كون هذه "العقود كانت إذعانية" و"مفروضة" على خريجي المؤسسات الجامعية المغربية. كما يرى الاساتذة الذين فرض عليهم التعاقد أن المخطط الحكومي للتعاقد لا يخدم المنظومة التربوية ولا يخدم قطاع التعليم بشكل عام.