تشهد القضية الصحراوية، الأشهر الأخيرة، زخما اعلاميا كبيرا في الصحافة الدولية، التي افردت لها مساحات كبيرة للحديث عن الكفاح المستميت الذي يخوضه الشعب الصحراوي من أجل حقه في تقرير المصير و انتزاع حريته واستقلاله، و ما يعانيه تحت وطأة الاحتلال المغربي الذي ينهب ثرواته ويقدم الرشاوى من أجل "شرعنة" احتلاله للصحراء الغربية. و شكلت فضيحة "ماروك غايت", التي يحقق فيها القضاء البلجيكي منذ شهر ديسمبر الماضي, نقطة تحول كبيرة في مسار القضية الصحراوية وفي كسر التعتيم الاعلامي الذي كان يفرضه الاحتلال المغربي عليها, من خلال منع الاعلاميين والمراقبين الدوليين من دخول المنطقة, للحيلولة دون توثيق جرائمه, وهذا بعد ان اكتشف الرأي العام الدولي من خلال ما تسرب للصحافة من التحقيقات, كيف كان يدفع المخزن بسخاء من اجل فرض "سيادته" المزعومة على الصحراء الغربية المحتلة. و في هذا الاطار, بث التلفزيون العمومي الايطالي, في فبراير الماضي, شريطا وثائقيا استقصائيا يفضح الجرائم البشعة للاحتلال المغربي في الصحراء الغربية, باستخدام الطائرات المسيرة, وكذا رشوته لبرلمانيين أوروبيين للتغطية على جرائمه, مشيرا الى أن المغرب قام بتشكيل شبكة اجرامية داخل البرلمان الاوروبي للتغطية على انتهاكات حقوق الانسان وتمرير اتفاقيات تجارية غير قانونية لنهب ثروات الشعب الصحراوي. و تضمن الجزء الثاني من الوثائقي الايطالي, مقابلة مع الرئيس الصحراوي, ابراهيم غالي, الذي تحدث بإسهاب عن جرائم الاحتلال المغربي والتعتيم الاعلامي عن الانتهاكات الجسيمة في الجزء المحتل من الاراضي الصحراوية المحتلة. و بمناسبة الذكرى ال47 لإعلان الجمهورية العربية الصحراوية, خصصت وكالة الانباء البرتغالية, حوارا للرئيس غالي, الذي سلط الضوء على سنوات الكفاح الطويلة للشعب الصحراوي, والتي تكللت بقيام الجمهورية الصحراوية, كحقيقة اقليمية, قارية ودولية لا رجعة فيها. من جهتها, سلطت هيئة الاذاعة و التلفزيون البلجيكية "ار تي بي اف" الضوء على مسار تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية التي لم تكن يوما "اراضي مغربية" كما يدعي نظام الاحتلال, مبرزة مختلف الجوانب القانونية والتاريخية لهذه الحقيقة التي يحاول المخزن القفز عليها و انتهاك الشرعية الدولية. فضائح المغرب المتتالية، مادة خصبة للصحافة الدولية و لم تتخلف الصحافة الفرنسية عن فضح الاحتلال المغربي, حيث نشر الموقع الاستقصائي Off- Investigation تحقيقا مطولا عن افساد المغرب للبرلمان الاوروبي من خلال دفع رشاوى, وقدم التحقيق ادلة حول خدمة برلمانيين اوروبيين للمصالح المغربية في اجتماعات البرلمان مقابل المال. و في هذا الاطار, اكدت الصحفية الفرنسية ماإليس خضر أنه من خلال المصادر التي اطلعت عليها خلال هذا التحقيق, فإن كل حيثيات قضية "ماروك غايت" تدور حول الصحراء الغربية. و قالت ماإليس خضر عقب نشرها للتحقيق, أن "التحدي الأكبر الذي يراهن النظام المغربي عليه في قضايا الفساد التي هزت أروقة البرلمان الأوروبي هي قضية الصحراء الغربية", مضيفة أن المخزن "ظل سخيا مع العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي للحصول على دعمهم فيما يخص الطرح المغربي المتعلق بقضية الصحراء الغربية". كما نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية مساهمة لمحامي جبهة البوليساريو, جيل ديفارس, التي اكد فيها ان الشعب الصحراوي يجب أن يمارس حقه في تقرير المصير بموجب القانون الدولي, وقدم في السياق كل الادلة القانونية التي تؤكد ان القضية الصحراوية قضية تصفية استعمار, ولا سيادة للمغرب على هذا الاقليم بموجب الاحكام القضائية. كما كشف المحامي ان الاحتلال المغربي يمول احتلاله وحربه في الصحراء الغربية من عائدات الاتفاقيات التجارية التي يبرمها مع الاتحاد الاوروبي, في انتهاك صارخ للشرعية الدولية. و بهذا الخصوص, بثت القناة الفرنسية-الألمانية "أرتي" روبورتاجا حول فضيحة الفساد بالبرلمان الأوروبي, وطرحت تساؤلات مشروعة حول اتفاقيات الصيد البحري المبرمة بين المغرب والاتحاد الاوروبي وشملت الصحراء الغربية المحتلة, والتي وصفتها ب"القضية المحرجة", وعلى رأس هذه التساؤلات "لماذا وقعت أوروبا على هذه الاتفاقيات كونها لا تحترم التشريع الدولي سيما تقرير المصير في الصحراء الغربية؟". و في سياق ذي صلة, نشرت صحيفة "لومانيتي" الفرنسية هي الاخرى تحقيقا حول فضيحة "ماروك غايت" المدوية بالبرلمان الأوروبي, عادت فيه إلى "سياسة النفوذ التي تعتمدها الرباط داخل المؤسسات الاوروبية" عن طريق رشوة أعضاء في البرلمان الأوروبي مقابل دعمهم لمصالح نظام المخزن. و على غرار ما كشفته العديد من وسائل الاعلام ونواب برلمانيون, فإن كاتبة المقال, روزا موساوي, أكدت أن النائب الايطالي السابق بيير أنطونيو بانزيري قد "انخرط منذ وقت طويل" مع المخابرات المغربية من خلال عبد الرحيم عثمون, السفير الحالي للمغرب في بولندا, الذي --حسب جلسات الاستماع من طرف المحققين البلجيكيين-- كان يقدم هدايا مقابل "انحياز بعض المنتخبين للمواقف التي يدافع عنها المغرب, خصوصا ملف الصحراء الغربية". بالمقابل, شكلت فضائح المغرب المتتالية بخصوص التجسس و الرشوة و انتهاك حقوق الانسان, مادة خصبة للصحافة الدولية التي راحت تنشر تسريبات من تحقيق القضاء البلجيكي بخصوص اكبر فضيحة فساد هزت البرلمان الاوروبي, الذي أدان في 19 يناير الماضي, في قرار تاريخي له, انتهاك السلطات المغربية لحرية التعبير والصحافة.