دخلت جمعية الشعلة للمسرح لبرج منايل, غمار منافسة الطبعة 54 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمسرحية "ذكريات" التي كانت عبارة عن رحلة إنسانية بين الماضي والحاضر للبحث عن معالم تاريخية واضحة تضيء درب المستقبل وتعزز التمسك بالوطن وبطولات أبنائه. وبقاعة ريمة بدار الثقافة و الفنون ولد عبد الرحمن كاكي, قدمت فرقة الشعلة للمسرح (بومرداس) عرضها المسرحي ضمن منافسة الصنف "أ" والذي تناول موضوعا له علاقة بتاريخ الجزائر وحاضرها من خلال إبراز اهمية التمسك بالماضي والاعتزاز ببطولات الأجداد حتى تتضح الرؤية بالنسبة للأجيال الصاعدة. المسرحية من تأليف الفنان سفيان عطية وإخراج وسينوغرافيا عبد الغني شنتوف, وهي تسرد لحظات ومشاعر تعلقت في ذهن الجد بوزيد وحفيده عمر وتركت أثارا عليهما. ويقوم الطرفان باسترجاعها عندما يحتد الصراع بينهما وتتعارض أحلامهما وطموحاتهما, حيث يحلم الجد بالبقاء في الأرض حيث استشهد الابناء ويتطلع الشاب إلى الهجرة بعيدا. وقد بدى نص سفيان عطية محكما من حيث الكتابة الدرامية والتسلسل في الأحداث بحيث كان منهجيا في ترتيب الأحداث وتقديمها للجمهور الذي استقبل الرسالة بسهولة وتفاعل مع الحوار وتعاطف مع المشاهد التي عكست مشاهد أسرة ثورية يتعرض افرادها للتعذيب والاستنطاق بالعنف على يد جنود المستعمر الفرنسي و ما خلفته السياسة الإستيطانية من تدمير و حرمان أجيال من أبناء الشهداء من ابائهم وأمهاتهم. إخراجيا استعان المخرج بأربعة ممثلين أساسيين لإدارتهم فنيا فوق الخشبة اضافة إلى ممثلين ثانويين, بوضعهم في زمنين مختلفين ولكن متوازيين في نفس الوقت, وهو زمن الحاضر بطموحاته وصعوباته مقابل الماضي الذي يعتبر خزان الذاكرة الوطنية والمحفز للتوجه للمستقبل بكل ثقة و دون خوف. وليعكس هذا الصراع بين الجيلين, اختار المخرج ديكورا بسيطا وعملي يساعد على الانتقال بين الماضي والحاضر قوامه كرسي وسط الخشبة ومرسم في الركن الأيسر يحمل صورتين قديمتين وبندقية ولوحة للنشيد الوطني وساعة قديمة تتعقب عقاربها التغيرات التي مست هذه العائلة الصغيرة. وقد بذل الممثلون جهدا كبيرا لتنفيذ الخطة الإخراجية لعبد الغني شنتوف, الذي حاول ان يترجم النص إلى مشاهد بصرية تحرك عاطفة المتلقي سواءا من حيث حركات الممثلين وازيائهم واختياره لإضاءة غير مكلفة. كما أظهرت هذه التجربة حاجة الممثلين إلى تدريبات أكبر في فن الإلقاء والصوت للتغلب على مشكلة النطق للاستحواذ على انتباه القاعة. و افتتحت الطبعة 54 للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم سهرة الخميس بحضور وزيرة الثقافة و الفنون وتستمر الى غاية 18 من نفس الشهر بمشاركة 15 فرقة مسرحية في الصنفين أ و ب. ويعرف المهرجان تنظيم ورشات تكوينية لفائدة تزيد من 200 متربص.