ما تزال صور الموت والدمار والنزوح تهيمن على المشهد الفلسطيني بعد مرور خمسة أشهر عن العدوان الصهيوني على قطاع غزة، فيما يمضي الاحتلال الصهيوني في تنفيذ أحقر خططه بإبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره وتجويعه، ضاربا المناشدات و القرارات الدولية عرض الحائط، في ظل عجز "تام" للمجتمع الدولي أمام مأساة انسانية "غير مسبوقة". وبمزيد من المذابح والجرائم التي يندى لها الجبين وتقف الإنسانية عاجزة عن توصيفها، يستقبل الأهالي في غزة المحاصر، الشهر السادس من العدوان الصهيوني الذي طال جميع مناطق القطاع من شماله إلى جنوبه ولم يسلم من جحيمه لا نساء ولا أطفال و لا مرضى و لا كبار السن، في أبشع ما شاهده تاريخ البشرية من مشاهد التقتيل وتدمير للبنية التحتية والمراكز الصحية، في إمعان صهيوني ممنهج لإبادة أي مقومات للحياة وتحويل القطاع إلى مكان "للموت واليأس" و بالتالي تحويل غزة إلى منطقة جغرافية "غير صالحة للعيش". ومع مضي 152 يوما على العدوان الصهيوني، لا تزال قوات الاحتلال ترتكب المجزرة تلو الأخرى في أرجاء مختلفة من القطاع مخلفة 30.717 شهيدا و 72.156 مصابا، وسط انعدام أي أفق للتوصل لوقف فوري لإطلاق النار ينهي معاناة الغزاويين، في الوقت الذي يستعد فيه الكيان الصهيوني تنفيذ عملية برية في "خان يونس" جنوب القطاع. وفيما تتزايد التحذيرات من تعمد الاحتلال ارتكاب مجازر مروعة ومتتالية ضد آلاف البطون الجائعة خاصة بشمال غزة، ومنعه ادخال المساعدات الانسانية، يثبت المجتمع الدولي يوميا فشله ليس فقط في وقف العدوان الأعمى على غزة، وإنما عجزه أيضا عن الضغط على الكيان المجرم لتوفير احتياجات الأساسية للمدنيين وتجنيبهم مأساة المجاعة وسوء التغذية التي وصلت إلى مستويات قاتلة خاصة في صفوف الأطفال والنساء الحومل و المرضى المزمنين. بالرغم من تنامي التحذيرات الأممية والدولية بشأن الأبعاد الخطيرة المتواصلة لتعميق وتوسيع الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، يواصل الكيان المجرم مراوغاته وحملاته التضليلية لكسب مزيد من الوقت لإطالة أمد العدوان، استكمالا لمجازره وجرائمه وموجات النزوح، تنفيذا لخططه الرامية إلى تهجير الغزاويين من بيتوهم عنوة، في نكبة جديدة يقول الفلسطينيون أنها "أسوأ "من نكبة عام 1948. وفي سياق مسلسل الاجرامي الصهيوني الذي رغم فضاعته لم يكشف بعد عن فصوله المرعبة الخفية، ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني مؤخرا مجزرة مرعبة "مجزرة الطحين" على /دوار النابلسي/ قرب "شارع الرشيد" جنوب غرب مدينة غزة، راح ضحيتها 118 شهيدا على الأقل كانوا يحاولون الحصول على القليل من المساعدات تسد جوعهم، لتليها مجزرة أخرى لا تقل بشاعة بعدها بيوم، خلفت عشرات الشهداء ب/دوار الكويت/ استهدفت فلسطينيين كانوا يسعون للحصول على طحين يسكتون به جوم أطفالهم. == الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة "لا بديل عنه" لحماية المدنيين == فعلاوة على استخدام القصف و القنص و الاعدام، يعتمد الكيان الصهيوني سلاح التجويع والتعطيش لاغتيال مزيد من الفلسطينيين وإجبار الآخرين عن التهجير، دون أن يعير أي اهتمام لقرار محكمة العدل الدولية أو قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ولا لجميع المناشدات الدولية التي تؤكد على ضرورة حماية المدنيين وتأمين احتياجاتهم، لكن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها بعض الدول ومن ضمنها الجزائر تتواصل للضغط على الكيان المحتل للدفع نحو وقف لإطلاق النار في القطاع. وفي هذا الإطار، دعت الجزائر على لسان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج ،السيد أحمد عطاف، أمس الثلاثاء، إلى "ضرورة التحرك الفعلي والفعال على جميع المستويات المتاحة لتكثيف الضغط على الاحتلال" الصهيوني، و"كف سبل تجبره واستقوائه على والأبرياء ومحاسبته، من خلال تعزيز الخطوات المتخذة أمام الهيئات القضائية الدولية وتدعيمها بمساع إضافية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة". وأكد السيد عطاف، خلال الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بجدة، أن "خطورة الظرف الحالي في غزة تفرض علينا الارتقاء بسقف مواقفنا الجماعية وتدعيمها بإجراءات وتدابير ومبادرات تستجيب لاستنجادات واستغاثات أشقائنا الفلسطينيين، وتضع حدا لمظالم ومعاناة ومآسي ومغابن عدوان خرق كل الثوابت والضوابط الأخلاقية والسياسية والقانونية، عدوان يصعب إيجاد الكلمات التي تصفه على واقعه وتنعته على حقيقته". وأضاف السيد عطاف أن "الأوان قد آن، لأن ندرك بأن عبارات الإدانة والاستهجان وحدها لن توقف الإبادة الجماعية والتصفية الممنهجة الدائرة رحاها في قطاع غزة"، مشيرا إلى أن المطلوب أولا "هو تحرك فعلي وفعال على جميع المستويات المتاحة لنا لتكثيف الضغط" على الاحتلال الصهيوني "وكف سبل تجبره واستقوائه على الضعفاء والأبرياء". ومنذ بدء العدوان في 7 اكتوبر الماضي، لم تذخر الجزائر أي جهد - بصفتها بلد عضو غير دائم بمجلس الأمن للأمم المتحدة - في السعي لإيجاد مخرج لإيقاف هذا العدوان الهمجي والسماح بدخول المساعدات لقطاع غزة، لإنهاء معاناة الفلسطينيين وإخماد آهاتهم التي تتعمق يوما بعد يوم، وذلك انطلاقا من إيمانها بمركزية وعدالة القضية الفلسطينية التي تعد في صلب اهتماماتها. وخلال جلسة مشاورات مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي بدعوة من الجزائر، لتدارس آخر التطورات في غزة عقب المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في /دوار النابلسي/ أدان ممثل الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدة، السفير عمار بن جامع، بأشد العبارات هذا العمل البربري الذي ارتكبه جنود الكيان الصهيوني ضد مدنيين فلسطينيين عزل كانوا بانتظار وصول شاحنات المساعدات الإنسانية ورافع لصالح إنهاء حالة الافلات من العقاب التي يتمتع بها المحتل و شعوره أنه فوق القانون وبعيد عن المساءلة. وفي سياق الجهود الحثيثة للدبلوماسية الجزائرية، وفي اطار نشاطات التعبئة من أجل القضية الفلسطينية و بالتنسيق مع بعثة فلسطين بنيويورك، ينظم ممثل الجزائر الدائم لدى الأممالمتحدة بنيويورك، عمار بن جامع، اليوم الأربعاء بمقر الأممالمتحدة، لقاء غير رسمي لتبادل المعلومات لفائدة الممثلين الدائمين للبلدان الأعضاء في مجلس الأمن الدولي مع مجموعة من أفراد العائلات الفلسطينية من ضحايا غزة. ويهدف هذا الحدث لأن يكون "منصة لتبادل المعلومات المباشرة حول الوضع الكارثي الذي يعيشه الفلسطينيون في الأراضي المحتلة و في غزة على وجه الخصوص".