جددت المركزيات النقابية في المغرب مطالبتها بالزيادة في الأجور, خاصة في ظل غلاء الأسعار والتضخم المتصاعد, دون أدنى اهتمام من الجهات الحكومية المعنية, التي تتفرغ بشكل مريب لخدمة مصالحها الشخصية على حساب المواطنين ومطالبهم المشروعة, مهددة بتسطير برنامج تصعيدي واسع يشمل جل مدن المملكة حتى الاستجابة للمطالب. فرغم مسلسل اللقاءات المتكررة مع الحكومة, كان آخرها خلال الاسبوع الجاري, إلا أن ذلك لم يسفر عن أي نتائج تتعلق بالمطالب المشروعة التي ينادي بها العمال, مما يزيد من توتر الأوضاع ويعزز من الشعور بالإحباط والخيبة. و توقفت النقابات على الظروف المعيشية الصعبة للموظفين والأجراء نتيجة لاستفحال غلاء الأسعار وضعف الأجور وجمودها, مطالبة الحكومة بضرورة العمل الجاد لمعالجة الملفات المادية والاجتماعية والمهنية ذات الأولية وداعية اياها للالتفات الى مشاكل المواطن خاصة البسيط الذي لم يجد سوى الشارع للتعبير عن تذمره من الوضع المعيشي الصعب. و في هذا الصدد, دعت المركزيات النقابية إلى إقرار زيادة عامة في الأجور بالقطاعين الخاص والعام للحد من تأثير التضخم الهائل الذي تعرفه البلاد على القدرة الشرائية للأجراء والموظفين, وتخفيف العبء الضريبي على الأجور من خلال مراجعة الضريبة على الدخل. و طالب الاتحاد المغربي للشغل برفع الحد الأدنى للأجور إلى 5000 درهم (حوالي 450 يورو) والرفع من منحة التقاعد, تماشيا مع غلاء المعيشة, ناهيك عن ضرورة فتح الحوار القطاعي و احترام حق الموظفين في المفاوضة الجماعية, "باعتبارها حقا دوليا ودستوريا, لتسوية المطالب المطروحة, والوصول إلى توقيع اتفاقات منصفة". و في سياق آخر, ندد الاتحاد بالتمادي في استغلال النفوذ وتفقير الشعب المغربي وتعميم الفساد وسياسة الاثراء غير المشروع والإجهاز على حقوق الانسان والحريات العامة. من جهته, طرح وفد الاتحاد العام للشغالين بالمغرب موضوع تأخر الحكومة في تنفيذ التزاماتها الجوهرية التي تتعلق بتحسين الدخل والزيادة العامة في الأجور وإحداث الدرجة الجديدة للترقي, وإصدار النصوص القانونية والتنظيمية الكفيلة بتعزيز حماية الحرية والحقوق والتمثيلية النقابية, بما في ذلك مشروع القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب والقانون المتعلق بالمنظمات النقابية والقوانين المتعلقة بالانتخابات المهنية. بدورها, شددت نقابة حزب الاستقلال على ضرورة تسريع وتيرة تنفيذ ما تبقى من الالتزامات الواردة في اتفاق "30 أبريل", ولاسيما منها مطلب الزيادة العامة في الأجور من أجل جعلها مسايرة للأوضاع المعيشية, خاصة في ظل استمرار ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم. و أكدت على أهمية تفعيل الاتفاقات القطاعية التي تجاهلتها الحكومة المخزنية الى حد الآن, خاصة ما يتعلق بقطاع الصحة وقطاع التربية الوطنية والجماعات الترابية والنقل, دون إغفال ما يعانيه القطاع الفلاحي نتيجة التغيرات المناخية والتحولات الناتجة عن وضعية الإجهاد المائي. و قال الاتحاد المغربي للشغل إن اللقاء مع الحكومة "لم يحقق أي نتائج ايجابية أو تغيير يذكر في الاوضاع و المطالب المطروحة", حيث عبرت النقابة عن رفضها أي إصلاح "عشوائي" من شأنه الإجهاز على مكتسبات الموظفين والأجراء المنخرطين في أنظمة التقاعد. و فيما يتعلق بمشروع القانون التنظيمي للإضراب, أكد الاتحاد في بيان رفضه التام, خلال اللقاء, لأي مشروع يسعى إلى مصادرة الحق الدستوري في ممارسة الإضراب "باعتباره آلية للدفاع عن المطالب العادلة والمشروعة للطبقة العاملة", أو تقييده بهدف إفراغه من حمولته النضالية. أما الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب, فقد عبر عن استنكاره لانحياز الحكومة و إقصائها للنقابات الجادة التي تخالفها وجهة النظر فيما يتعلق بالوضع الاجتماعي المتأزم, محذرا من "الالتفاف على الإطار المرجعي لتعديل الأسرة, من خلال انتهاج أساليب الضغط والابتزاز والاستقواء بالمؤسسات الوطنية لفرض توجهات لا تعبر عن خصوصية الشعب المغربي". كما حذرت نقابة حزب العدالة والتنمية من "أي إصلاح لأنظمة التقاعد على حساب الشغيلة المغربية", مطالبا الحكومة بتفعيل المقاربة التشاركية في الحوار الاجتماعي والابتعاد عن المقاربة القمعية والتعسفية. و بخصوص فشل الحكومة في وضع حد للاحتقان المتنامي داخل أسوار كليات الطب والصيدلة, طالبت النقابة بالإسراع في الحوار والتفاوض مع الطلبة, "لتفادي هدر الزمن الجامعي في قطاع الصحة والتعليم العالي". و هددت النقابات بتسخير برنامج تصعيدي يبرز غضب الشارع, في ظل تجاهل الحكومة لمسؤولياتها وفشلها في تحقيق مطالب الشعب والعمال. هذا التهديد يعكس حجم الاستياء والغضب الذي يعيشه المغربيون جراء تجاهل الحكومة لمعاناتهم المستمرة, حيث تعمل جاهدة على إضاعة الوقت من خلال لقاءات فارغة المحتوى مع المركزيات النقابية التي سئمت من سياسات التسويف وعدم الوفاء بالوعود.