بات الفساد والريع و الرشوة من أخطر التهديدات التي تواجه المغرب و تنذر بانزلاق المملكة نحو المجهول, في ظل تنامي هذه الظاهرة التي تنخر المجتمع في مختلف مراكز صنع القرار, من خلال التشجع أو التكتم أو حماية المتورطين في هدر وتبديد المال العام ,والسطو على الثروات. وأمام سياسة "التكتم" على الفساد المستشري في البلاد, حذرت "الكونفدرالية الديمقراطية للشغل" من تفاقم ظاهرة الفساد والريع ,بما يضرب القدرة الشرائية للمواطنين. وأشار المجلس الوطني للهيئة النقابية - في بيان - الى أن الحكومة "تتنصل من التزاماتها, ما يعيق الحوار الاجتماعي ويفاقم الأزمات", محذرا الحكومة من عدم التزامها بزيادة الأجور في القطاعين العام والخاص, ومراجعة الضرائب وإحداث درجات جديدة للترقي, وتوحيد الحد الأدنى للأجر. وفي هذا الإطار, حذر رئيس "الجمعية المغربية لحماية المال العام", محمد الغلوسي, في تدوينة على (فايسبوك) أن 30 برلمانيا متابعون قضائيا يتقاضون 36.000 درهم شهريا لكل واحد منهم, فضلا عن تعويضات وامتيازات أخرى, وهو ما يشكل تبديدا وهدرا لأموال عمومية وتعميقا للفساد في الحياة العامة. وأضاف : "يحدث ذلك دون متابعة, بل إنهم يتمتعون بشجاعة قل نظيرها ويستمرون في تقلد مسؤوليات حزبية وبرلمانية وغيرها, بل إن منهم من يعطي الدروس للمغاربة في النزاهة والشفافية". وتابع "يحدث هذا في حين يتم توقيف نساء ورجال التعليم عن العمل ويعرضون على المجالس التأديبية مع توقيف صرف أجورهم, مع ما يترتب عن ذلك من آثار سلبية على أوضاعهم المادية والأسرية, وتهددهم البنوك ببيع منازلهم في المزاد العلني, كل هذا بسبب احتجاجهم على أوضاعهم المزرية والمطالبة بإنصافهم". ودعا الغلوسي كل المؤسسات المعنية لوقف نزيف الفساد والبداية من وقف صرف أجور وتعويضات البرلمانين المتابعين قضائيا, مؤكدا أن المجتمع في حاجة إلى قرارات شجاعة تعيد الثقة في المؤسسات وتعزز الأمل في المستقبل. وحملت الجمعية الحكومة مسؤولية الاستمرار في نهج سياسة حماية الفساد سواء من خلال سحب مشروع القانون الجنائي وقانون الإثراء غير المشروع, داعية إلى تسريع محاكمة المسؤولين المتهمين في قضايا الفساد المالي وخيانة الأمانة وهدر وتبديد المال العام. وسبق للجمعية المغربية لحماية المال العام أن تناولت ملف الفساد الذي طال البرلمان, والذي أثار الكثير من الجدل, حيث أكدت على أن هذا الاخير تحول إلى هيأة للفارين من العدالة و بات يلجأ الكثير من المفسدين إليه لتبييض ذممهم والتغطية بالمؤسسات على سلوكاتهم الإجرامية والمنحرفة. وفي ظل السياسات المخزنية التي تتسم بغياب رؤية استراتيجية عملية طويلة الأجل, مجسدة في خريطة طريق محددة زمنيا, قامت الجمعية المغربية مؤخرا بإطلاق حملة وطنية للمطالبة بتجريم الإثراء غير المشروع, تضمنت تنظيم وقفات احتجاجية أمام البرلمان, مع إطلاق عريضة إلكترونية موجهة لرئيس الحكومة من أجل حثه على تجريم الإثراء غير المشروع, فض لا عن عقد ندوة حول هذا الموضوع. للتذكير, فإن الجمعية المغربية لحماية المال العام دعت مرارا إلى فتح ملفات الاشتباه في غسيل الأموال ضد المتورطين في قضايا الفساد والرشوة و استغلال النفوذ, مطالبة بمصادرة ممتلكاتهم وأموالهم لفائدة الدولة. وطالبت بضرورة تحريك المتابعات القضائية ضد المفسدين وناهبي المال العام و إصدار أحكام قضائية رادعة في قضايا الفساد والرشوة ونهب الأموال العمومية, داعية السلطة القضائية إلى ممارسة أدوارها الدستورية والقانونية في مكافحة الفساد المالي والاقتصادي وربط المسؤولية بالمحاسبة.