تتعرض المنظومة البيئية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى إبادة صهيونية ممنهجة في ضوء استخدام الاحتلال الإجرامي الأسلحة الفتاكة المحظورة دوليا, الأمر الذي يجعل فترة التعافي من إثارها مؤلمة وطويلة الأمد, حسب ما أجمع عليه خبراء. وبالتوازي مع حرب الإبادة الشاملة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, يستخدم الاحتلال الأسلحة ذات القدرات التدميرية الخطيرة, لاسيما منها القنابل الفوسفورية والذخائر غير المتفجرة والغازات الحبيسة والاشعاعات التي تتزايد انبعاثاتها بشكل مخيف وسط توقعات وصولها إلى 629 مليون طن في أواخر العام الجاري, جراء إلقاء الطيران الحربي الصهيوني 82 ألف طن من المتفجرات منذ 11 شهرا من عدوانه على القطاع. وفي الذكرى السنوية لليوم العالمي ل"نقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء", التي يحتفل بها هذا العام تحت شعار : "حان الوقت للاستثمار في الهواء النظيف", يتصاعد تلوث الهواء في القطاع بمستوياته القاتلة عبر تنفيذ سياسة الأرض المحروقة وتدمير كل فرص الحياة فيها, حيث خلفت القذائف ووقود الآليات 3 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون وغيرها من الغازات الخطيرة والسامة. وتتسارع وتيرة تلوث المياه بنسبة 98 بالمائة واتلاف التربة وحرقها وتدميرها بشكل متعمد وممنهج. وقد خلفت آلة الدمار الإجرامي نحو 39 مليون طن من الركام, ومهمة إزالته ضخمة ومعقدة خاصة وأن مخاطره على صحة الإنسان والبيئة تنجم عن الغبار والتلوث بالذخائر غير المتفجرة ومادة الأسبستوس والنفايات الصناعية والطبية وغيرها من المواد الخطرة, وفق تقرير تقييمي أولي للأمم المتحدة. خبراء في التربة والمناخ يقولون أن التقييم البيئي الحقيقي للعدوان الصهيوني على غزة لم يحدث بعد ويصعب إجراؤه في الوقت الحالي, لاسيما و أن آلة الدمار متواصلة والقصف لم يتوقف. ويأتي الدمار البيئي غير المسبوق للأرض الفلسطينية في الوقت الذي تشير فيه قرارات الأممالمتحدة إلى أن الطبيعة هي تراث إنساني مشترك ويجب حمايتها في كل الفترات, بما في ذلك زمن الحروب. ويؤكد خبراء في البيئة ان استهداف المنشآت البيئية مثل منشآت المياه والطاقة و تدمير التربة بشكل متعمد تعد جريمة حرب ليس بحق أهل غزة وفلسطين فحسب, بل بحق البيئة والمناخ. المديرة التنفيذية لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة, إنغر أندرسن, قالت إن سكان غزة لا يتعاملون فحسب مع معاناة لا توصف من العدوان المستمرة بل إن الضرر البيئي الكبير والمتزايد في غزة يهدد بحبس شعبها في فترة تعافي مؤلمة وطويلة. وأضافت لقد انهارت أنظمة المياه والصرف الصحي, ولا تزال البنية الأساسية الحيوية تتعرض للتدمير, وتأثرت المناطق الساحلية والتربة والنظم البيئية بشدة. كل هذا يضر بشدة بصحة الناس والأمن الغذائي وصمود غزة. وذكر برنامج الأممالمتحدة للبيئة إن التأثيرات البيئية للعدوان على غزة غير مسبوقة, مما يعرض المجتمع لمخاطر التلوث المتزايد بسرعة في التربة والمياه والهواء ومخاطر الأضرار التي لا يمكن إصلاحها للنظم البيئية الطبيعية. وقد تم تحديد نسب مرتفعة من المعادن الثقيلة لدى الأمهات والأطفال حديثي الولادة الذين تعرضوا للعدوان في غزة, حيث ارتبطت العيوب الخلقية بالتعرض للفسفور الأبيض والقنابل الأخرى التي تحتوي على معادن سامة ومسببة للسرطان. كما يتعرض الاطفال لتشوهات في الجهاز التنفسي وأضرار مزمنة لها علاقة باستنشاق الدخان والجزئيات والفطريات في ضوء الإلقاء المحتل لقنابل الفوسفور على غزة مرات عديدة وهو سلاح محظور بحسب اتفاقية جنيف لعام 1980 التي تنص على تحري استخدامه بوصفه سلاحا حارقا ضد البشر و البيئة. كما تم تسجيل عشرات آلاف الإصابات المتعلقة بالحساسية التنفسية وأمراض الربو وحساسية الصدر الناجمة عن ادخنة وغبار القصف والركام والقذائف. وجاء في توثيق حقوقي إن حصة الفرد الواحد بفعل الهجمات الصهيونية على قطاع المتواصلة تتجاوز 10 كيلوغرامات من المتفجرات.