يواصل المخزن إغراق النساء المغربيات في مستنقع الفقر والاستغلال, متاجرا بشعارات زائفة عن المساواة والتمكين, بينما يكرس واقعا اقتصاديا واجتماعيا قاسيا يسحق ملايين النساء تحت وطأة البطالة والأجور الهزيلة وظروف العمل المزرية, حسب ما كشفت عنه جمعية "أطاك" المغرب. وفي ظل هذا الواقع القاتم, تواجه النساء المغربيات تهميشا متزايدا واستغلالا ممنهجا, حيث تكشف الأرقام حجم الكارثة : فقد بلغ معدل بطالة النساء 19.4 بالمئة عام 2024, مقابل 11.6 بالمئة للرجال, فيما تجد أربع شابات من كل عشر, تتراوح أعمارهن بين 15 و24 سنة, أنفسهن خارج أي منظومة تشغيل أو تعليم أو تدريب, في مشهد يعكس فشل السياسات الرسمية في انتشالهن من دوامة الفقر والإقصاء. ولم يتوان الفرع المغربي لجمعية تضريب المعاملات المالية من أجل الفعل المواطني ("أطاك" المغرب), بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة, عن فضح الواقع المزري الذي تعيشه النساء, مؤكدا أن الدولة "تدفع بهن إلى دائرة الاستغلال الممنهج, خاصة في القطاع الخاص, حيث يواجهن أجورا هزيلة, وغيابا للحقوق الأساسية, وظروف عمل غير إنسانية". و شدد على أنه رغم الخطابات الرسمية المتكررة حول المساواة وحقوق المرأة, فإن الواقع الميداني يكشف "هوة متزايدة بين الشعارات السياسية والحقيقة المرة التي تعيشها المغربيات يوميا, فقد برزت النساء في الصفوف الأمامية للنضالات الاجتماعية والعمالية, خصوصا في قطاعي الصحة والتعليم, حيث شهد العامان الماضيان حركات احتجاجية واسعة ضد السياسات التقشفية, والتهميش الممنهج للأجور وتدهور ظروف العمل". وفي القطاع الفلاحي, تضيف جمعية "أطاك", "تواصل العاملات في الضيعات ومحطات التلفيف النضال من أجل تحسين الحد الأدنى للأجور وظروف العمل, وسط استمرار التجاوزات والاستغلال البشع من قبل أرباب العمل". أما في قطاع النسيج, فلا تزال العاملات تكافحن ضد ظروف العمل المزرية, التي تفاقمت مع إفلات المشغلين من العقاب, كما هو الحال حاليا في اعتصام عاملات شركة في مكناس (شمال), حيث دخلت 500 عاملة في اعتصام مفتوح منذ يوليو 2024 بعد فصلهن تعسفيا وعدم دفع أجورهن واشتراكات الضمان الاجتماعي رغم سنوات أقدميتهن الطويلة. و رغم هذا "القهر المنظم", أكدت ذات الجمعية مواصلة النساء المغربيات مقاومتهن ضد هيمنة المخزن وتسلط الرأسمالية الوحشية, منخرطات في معارك يومية من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية. فقد أصبحت المرأة المغربية ركيزة أساسية في الحركات العمالية والاجتماعية, مدافعة عن حقوقها وحقوق الأجراء في مختلف القطاعات, وهو ما يعكس إرادتها الصلبة في وجه القمع والتهميش. وفي سياق التضامن النسوي العابر للحدود, أشادت جمعية "أطاك" المغرب بصمود النساء في فلسطينالمحتلة, اللواتي يواجهن أفظع الجرائم على يد الاحتلال الصهيوني, مؤكدة أن "النضال ضد القمع والاستغلال لا يتجزأ, و أن قضية النساء المغربيات لا تنفصل عن القضية الفلسطينية, حيث يعد رفض التطبيع ومقاطعة الكيان الصهيوني واجبا أخلاقيا, في مواجهة الخيانة المتمثلة في اتفاقيات التطبيع المخزية. وفي إطار رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني دائما, دعت منظمة "مغربيات ضد التطبيع", اليوم السبت, النساء المغربيات إلى المزيد من الانخراط "الفعال" في النضال ضد التطبيع في كل أشكاله ومجالاته, مشددة على "ضرورة تشكيل جبهة حقوقية نسائية دولية للترافع والدفاع عن حقوق المرأة الفلسطينية". جاء ذلك في بيان للمنظمة - بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة, الذي يصادف 8 مارس من كل سنة - تحت عنوان "الأسيرات الفلسطينيات: صمود يتحدى الأسر وتحرير يجسد النصر", أبرزت فيه الدور الخلاق الذي لعبته النساء الفلسطينيات في الصمود الأسطوري لشعبهم في مواجهة جرائم الاحتلال الصهيوني. وقد استنكرت المنظمة, استقبال المخزن لمجرمي الحرب الصهاينة في المغرب, داعية في هذا الإطار, النساء المغربيات إلى المزيد من الانخراط "الفعال" في النضال ضد التطبيع في كل أشكاله ومجالاته, وخاصة منها معركة المقاطعة التي تعد النساء فاعلا أساسيا فيها. كما وجهت نداء إلى المنظمات والتكتلات النسائية المغربية المناضلة, ل"الانخراط في الحركة المناهضة للتطبيع وتخصيص قسط من برنامجها التوعوي والتعبوي والنضالي الميداني يوم 8 مارس, للدفاع عن حقوق المرأة الفلسطينية". وفي السياق ذاته, أدانت المنظمة, القمع المخزني المسلط على مناهضي التطبيع, واستمرار اعتقالهم وتعريضهم لمحاكمات جائرة بسبب مواقفهم, مطالبة بإطلاق سراحهم وفي مقدمتهم المناضل الحقوقي رضوان القسطيط المعتقل بطنجة. وعبرت ذات الهيئة, عن "التضامن مع كل النساء المغربيات في نضالهن ضد القهر الاجتماعي وسياسات التفقير والقمع السياسي, باعتبار نضالهن هو نضال ضد الاستبداد والفساد بالمغرب وهو واجهة من واجهات النضال ضد التطبيع ومن أجل فلسطين". كما أعلنت عن تضامنها مع المرأة الفلسطينية التي يستهدفها العدو الصهيوني, مشيدة بدورها في "الحرب الديمغرافية" التي يشنها الاحتلال الصهيوني, منذ عقود, ضد الشعب الفلسطيني, رغم ما تكلفها من تضحيات في واقع الحصار والحروب المتتالية وجرائم العدو التي لا مثيل لبشاعتها.