لم تكن ليلة الأربعاء إلى الخميس كغيرها من الليالي بولاية قسنطينة, فبمجرد إعلان صافرة نهاية المباراة التي كرست النادي الرياضي القسنطيني ضمن الأربعة الكبار في كأس الكونفيدرالية الإفريقية لكرة القدم, عاشت المدينة بأكملها مشهدا احتفاليا خالصا, مزج بين دموع الفرح وأهازيج الانتصار, لتسكن الفرحة كل حي, وتعلو صيحات الفرح من شرفات المنازل وساحات التجمع. الاحتفالات كانت على أشدها في قلب عاصمة الولاية, حيث عجت شوارع وسط مدينة قسنطينة بالمناصرين الذين توافدوا مباشرة بعد نهاية اللقاء, في طقوس فرح عفوية رسمت على الوجوه. زمامير السيارات والأعلام التي ترفرف في كل مكان وأهازيج الانتصار و الفرح بالتأهل لم تهدأ حتى ساعات متأخرة من الليل, كلها رسمت لوحة بهية لعشق لا ينتهي بين "السنافر" ومدينتهم. ولم يختلف المشهد في ثاني أكبر تجمع سكاني بالولاية, مدينة علي منجلي, التي لبست حلتها الخضراء والسوداء في لحظة تاريخية عاشها أبناؤها على وقع الأغاني الشعبية والهتافات. فالشوارع الكبرى على غرار نهج جبهة التحرير الوطني و الوحدات الجوارية الأخرى, غصت بالجماهير التي خرجت للاحتفال, مزينة المدينة بألوان النادي, في مشهد كرنفالي يشبه العيد, ويختزل عمق العلاقة التي تربط سكان مدينة علي منجلي بناديهم العريق. أهازيج وأغاني بصوت رجل واحد تعم الساحات و الشوارع التي تعلوها ألوان الألعاب النارية. المشهد لم يختلف أيضا في مدينة الخروب و الأحياء الكبرى للولاية, فرحات هستيرية بحضور حاشد و مميز للمناصرين, لاسيما رفقة أبنائهم, كلهم يحملون اللونين الأخضر والأسود, وكأن عاصمة الشرق بأكملها لم تنم احتفالا بهذا الإنجاز المميز. لم يكن تأهل السنافر مجرد إنجاز رياضي, بل لحظة وحدة وتلاحم بين أبناء المدينة, الذين رأوا في هذا الانتصار انعكاسا لصبرهم و تشبثهم بهويتهم الرياضية العريقة. فالمؤسسات المحلية و الجمعيات وحتى التجار عبروا عن فرحتهم برسائل دعم و لافتات تهنئة و وإضاءة المعالم التاريخية بألوان النادي لتصبح المدينة كلها جزءا من هذا الفرح الجماعي. أما قدماء اللاعبين والمسيرين للنادي فقد عبروا عبر صفحات التواصل الاجتماعي بأنهم استعادوا ذكريات الأمجاد الغابرة وهم يرددون مع الشعارات ذاتها التي طالما أنشدها الجمهور بمدرجات ملعب الشهيد حملاوي. ففي مواجهة جزائرية خالصة, تأهل شباب قسنطينة إلى نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم لأول مرة في تاريخه بعد فوزه على اتحاد الجزائر بركلات الترجيح بنتيجة 4-3 في المباراة التي أقيمت على ملعب 5 جويلية انتهى وقتها الأصلي بالتعادل 1-1, حيث سجل آدم عليلات هدف التقدم لاتحاد الجزائر في الدقيقة 25 من ركلة جزاء, وعدل النتيجة عبد النور بلحوسيني لشباب قسنطينة في الدقيقة 56. وبعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي دون تغيير في النتيجة، لجأ الفريقان إلى ركلات الترجيح التي حسمها شباب قسنطينة لصالحه. بهذا الإنجاز أصبح شباب قسنطينة الممثل الوحيد للجزائر في المنافسات الإفريقية بعد إقصاء اتحاد الجزائر من كأس الكونفدرالية ومولودية الجزائر من دوري أبطال إفريقيا. ويعكس هذا التأهل التاريخي تطور الفريق وإصراره على تحقيق النجاحات ويمنح الأمل في التتويج باللقب القاري.