اتسمت التقاليد الاستهلاكية للعائلات العنابية خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان بنوع من الحكمة والتريض في الإقبال على اقتناء ما يعرض بأسواق المدينة من مواد واسعة الاستهلاك وأخرى ظرفية مقترنة بشهر الصيام حسبما لوحظ عبر أسواق ومتاجر مدينة عنابة. ويفسر الملاحظون من مستهلكين وتجار هذا التوجه نحو الحكمة في ثقافة الاستهلاك خلال الشهر المبارك بعنابة بوفرة وتنوع المنتجات خاصة منها الخضر والفواكه واللحوم والحلويات بأنواعها من جهة ووعى ربات العائلات والمستهلكين من جهة أخرى بأهمية التغذية الذكية والصحية خلال شهر صيام. وهو ما يؤكده عدد من تجار الخضر والفواكه بالسوق المغطاة بوسط مدينة عنابة الذين أجمعوا على تزايد طلب ربات البيوت على الخضر والفواكه المحلية خاصة منها المنتجة ببساتين أعالي سرايدي والمناطق الجبلية الأخرى وبين الطماطم الطازجة والفاصولياء والبطاطا والجزر وغيرها من الخضر وجدت ربات العائلات ارتياح كبير لاقتنائها بأسعارها المعهودة بعيدا عن ممارسات المضاربة التي عانت منها ميزانياتهن. وتعود وفرة الخضر والفواكه واستقرار أسعار البعض منها إلى الإجراءات المتضمنة في برنامج ضبط المواد الفلاحية الواسعة الاستهلاك والتي مكنت من تخزين كميات هامة من هذه المنتجات بغرف التبريد وتزويد الأسواق وفق مستويات الطلب. وتم في هذا الإطار على مستوى ولاية عنابة استغلال ال33 غرفة تبريد المتوفرة بتراب الولاية لتخزين الكميات الكافية لتغطية احتياجات سكان المنطقة من البطاطا والفلفل والطماطم والبصل بالإضافة للفواكه المحلية كالتفاح والبرقوق والخوخ والأجاص وغيرها. وبالإضافة ما اكتسبته العائلات العنابية من ثقافة استهلاكية صحية واقتصادية تلقنتها بفضل إسهامات وسائل الإعلام وبرامج التربية الصحية الوقائية لعبت الصرامة في تطبيق قوانين الممارسات التجارية دورا هاما في ضبط الممارسات التجارية ظرفية خاصة منها المتعلقة بصنع الحلويات التقليدية. فالمشهد المعهود ليوميات رمضان بعنابة غالبا ما كان يصنعه باعة الزلابية والشامية والحلويات المنزلية الذين كانوا يتخذون من أرصفة الشوارع والفضاءات المحاذية لأسواق المدينة مواقع لعرض منتجاتهم . ووسط ازدحام خانق كانت تصنعه حركة الذهاب والإياب للمارة والزبائن غالبا ما تمتزج روائح الحلويات الشهية بروائح الزيوت الطهي المستعملة بإفراط. وحتى لا يتمادى التجار الظرفيون في المساس بمهنة الممارسة التجارية اعتمدت مديرية التجارة بالولاية هذه السنة الصرامة في تطبيق القوانين التي تقتضى باقتصار ممارسة تجارة الحلويات التقليدية على التجار المقيدين بسجل التجارب. وبالإضافة إلى السهر على تطبيق هذا القرار فان التدخلات الرقابية لفرق مراقبة الجودة وقمع الغش بعنابة ركزت تدخلاتها منذ حلول شهر رمضان على مراقبة نوعية الزيوت المستعملة في طهي الحلويات التقليدية. وأمام الصرامة في تطبيق قوانين الممارسات التجارية فان العديد من التجار الظرفيين اضطروا إلى العزوف عن تجارة الحلويات التقليدية ليتركوا المجال لأصحاب المهنة.