عرف الاقتصاد الوطني انتعاشا سنة 2009 حيث سجل الناتج الداخلي الخام نسبة نمو قدرها 4 ر2 بالمئة اي نفس النسبة التي سجلت سنة من قبل بينما يمثل هذا المعدل نسبة النمو المسجلة على مستوى العالم العربي كله خلال سنة 2008 وذلك رغم اثار الازمة الاقتصادية، حسبما أكده ملحق لبيان السياسة العامة للحكومة. ربما يبدو هذا النمو "ضئيلا" من الوهلة الاولى نظرا لحجم الاستثمارات العمومية "غير ان ذلك غير صحيح لانه قد يتجاهل التحول العميق الذي يشهده نمو الناتج الداخلي الخام في الجزائر منذ بضع سنوات"، حسبما أشارت إليه الوثيقة التي قدمت اليوم الخميس امام البرلمان- لحصيلة الحكومة المتعلقة بالتنمية الوطنية من جانفي 2009 إلى جوان المنصرم. وعلى غرار السنوات الثلاث الماضية فقد انعكس على نمو الناتج الداخلي الخام سنة 2009 الاثر المخفض للتضخم الذي سجل ارتفاعا بنسبة 7 ر5 بالمئة خلال السنة ذاتها مقابل 4 ر4 بالمئة سنة 2008 و5 ر3 بالمئة في 2007 وذلك نتيجة ضخ اموال معتبرة على اثر تفعيل حركية الاستثمارات ورفع الاجور وكذا المضاربة القوية التي شهدتها أسعار المنتوجات الفلاحية الطازجة. ولكن خارج المحروقات سجل الناتج الداخلي الخام سنة 2009 نسبة نمو قدره 3 ر9 بالمئة مقابل1 ر6 بالمئة في 2008 و 3 ر6 بالمئة سنة 2007 . وحسب الوثيقة فقد شهد استغلال المحروقات "وضعية صعبة" تعود الى اسباب عدة منها انخفاض اسعار النفط وتقلص المبيعات التي اقرتها منظمة الاوبيب مما ادى الى تراجع الكميات المصدرة سنة 2009 . وتوقعت الحكومة في هذا الصدد ان يتاجل انتعاش النمو في قطاع المحروقات الى سنة 2011 نظرا لانخفاض كميات الغاز التي يتسلمها الزبائن الاوربيون الذين تاثروا بالازمة الاقتصادية. وكان وراء الانتعاش الذي شهده الاقتصاد الوطني سنة 2009 النتائج الاستثنائية التي حققها القطاع الفلاحي في الموسم الماضي بعد موسم صعب في 2008 . وشكل الانتاج الزراعي نسبة 3 ر9 بالمئة من القيمة المضافة الاجمالية. وقد سجل هذا القطاع نموا بنسبة 20 بالمئة سنة 2009 - بفضل المردودية التي عرفها انتاج الحبوب الذي بلغ 1 ر61 مليون قنطار- مقابل 3 ر5 بالمئة سنة 2008 و 0ر5 بالمئة (2007 ) و 9 ر4 بالمئة (2006 ) 9 ر1 (2005 ). وعرف القطاع الفلاحي ايضا ارتفاعا في المساحة الصالحة للزراعة التي ازداد حجمها بحوالي 40 الف هكتار في السنة الماضية وازدادت مساحة الاشجار المثمرة ب 41 الف هكتارمنذ شهر جانفي 2009. وفيما يخص المناطق الرعوية فقد استفادت بين جانفي 2009 وجوان 2010 من حوالي 50 الف هكتار من المغروسات الجديدة وقرابة 3 ملايين هكتار من المساحات الخاضعة للحماية كما تم اعادة تاهيل 6000 مستثمرة فلاحية خلال نفس الفترة واستغلال عدة سدود جديدة للري. وأدت التدابير التي اتخذتها الدولة سنة 2009 -خاصة مسح حوالي 40 مليار دينار من ديون الفلاحين ووضع برنامج عمومي للدعم بمبلغ اجمالي يقدر ب 1000 مليار دينار على مدى الفترة الخماسية 2010 -2014 -الى تسجيل نتائج معتبرة منها إنتاج حوالي 27 مليون قنطار من البطاطا مقابل 5 ر19 مليون قنطار سنة 2008 وتكثيف انتاج الحليب مما ادى الى تقليص كميات مسحوق الحليب المستورد. ومن جهته، سجل قطاع الصيد البحري انجازات جديدة خلال الاشهر ال18 الاخيرة منها القيام بحملة تقييم الموارد المرجانية وموقع لرسو بواخر الصيد واستلام 3 مستودعات بحرية وتكوين ازيد من الف و600 تقني في مهن الصيد البحري. وعلى غرار القطاع الفلاحي سجلت جل القطاعات الاقتصادية الاخرى نتائج ايجابية منها قطاع البناء والاشغال العمومية الذي لايزال يساهم بشكل كبير في نمو الناتج الداخلي الخام حيث حقق نسبة نمو قدرها 7 ر8 بالمئة سنة 2009 و يمثل هذا القطاع حاليا ازيد من 16 بالمئة من القيمة المضافة الاجمالية. وبصفته المصدر الاول للثروة الوطنية خارج المحروقات بنسبة 36 بالمئة بالمئة من القيمة المضافة الاجمالية سجل قطاع الخدمات التجارية نموا بنسبة 8 ر8 بالمئة سنة 2009 . وفيما يخص القطاع الصناعي افادت الوثيقة انه بالرغم من ارتفاع القيمة المضافة لهذا القطاع (5 بالمئة) فان الصناعة "لاتمثل سوى 3 ر5 بالمئة من القيمة المضافة الاجمالية" اي اقل من مساهمة الادارات (8 ر6 بالمئة سنة 2009 ). وبذلك اتت الصناعة في المرتبة الاخيرة في تصنيف القطاعات من حيث مساهمتها في توفير ثروات وطنية حسب الحكومة التي ترى ان الانتاج الوطني ولا سيما الصناعي "تشوبه نقائص هيكلية مما فسح المجال لتنامي مختلف انواع الواردات بشكل هائل". وتمت الاشارة في هذا السياق ان واردات السلع التي قدر حجمها الاجمالي باقل من 10 ملايير دولار سنة 2001 ارتفعت الى حوالي 20 مليار دولار سنة 2005 وقاربت 40 مليار دولار سنة 2008 . وتجاوزت واردات الخدمات 11 مليار دولار سنة 2008 بعد ما كانت تتراوح ب7 ر4 مليار دولار سنة 2006 . وبصفة اجمالية ارتفع حجم واردات السلع والخدمات بنسبة 4 ر47 بالمئة سنة 2008 . وتعكس هذه المعاينة جزئيا التدابير المتخذة من اجل ضبط التجارة الخارجية اعتبارا من سنة 2009 .