يقال أن يوليوس قيصر، ورغم كل ما فعله قُتل غدرا، وحتى لا يتهم أي شخص بقتله أتفق قاتلوه على أن يطعنوه طعنة رجل واحد، وعند تنفيذ الجريمة التفت القتيل ووجد من بين الطاعنين في جسده أحب أصدقائه إلى قلبه وهو بروتس الذي كان بمثابة ابنه، وحينها نظر في عيني صديقه وقال له: حتى أنت يا بروتس؟ والعرب الذين وجّهوا الطعنات لأنفسهم قبل أن يطعنهم العالم في حالة انتحار استعراضية، يشبّهون وضعهم بوضع يوليوس قيصر ولسان حالهم يقول: حتى أنت يا غوغل!؟ وقد ظموا أشهر محرك بحث على الشبكة العنكبوتية إلى قائمة المسيئين إليهم، من خلال دراسة أعدتها حديثا منظمة عربية تتخذ من لندن مقرا لها، وأكدت تلك الدراسة بالأرقام أن تتمات الكلمات التي يقترحها غوغل عند البحث عن كلمة عرب باللغة الانجليزية مسيئة في غالبيتها للعرب، وتصفهم بالعنف والإرهاب وحتى الغباء، وأصحاب الرائحة الكريهة والمقززة، مما يساهم في دفع الباحث إلى وجهة محددة ويؤكد الصورة النمطية التي ألصقت بالعرب· لقد انظم غوغل رسميا إلى قائمة أعداء العرب والعروبة، وهو الذي كان حليفهم في معاركهم الالكترونية الكثيرة التي خاضها بعضهم في كل الاتجاهات، ومنحتهم المؤسسة التي ينتمي إليها خدمة يوتيوب لنشر فيديوهاتهم، وسهلت لهم سبل العلم والمعرفة، وكان السبّاق من بين كل المحركات العالمية الأخرى إلى تعريب كل خدماته في سبيل تطوير اللغة العربية، ومنح تحفيزات مادية كبيرة من أجل فتح مواقع ومدونات مجانية يعبرون فيها كن كل أفكارهم بدون أي حسيب أو رقيب، بل ومنحهم فرصا لكسب المال من خلال الروابط الإشهارية التي تأتيهم إلى غاية مواقعهم ومدوناتهم الشخصية، ولا يمر يوم دون أن يقدم خدمة جديدة باللغة العربية الفصحى، ومنها موسوعة المعرفة التي تحفّز على الكتابة في شتى المجالات التي تخدم القضايا العامة ومنها القضايا العربية· وبعد كل هذه الخدمات المجانية بل التي يدفع هو فيها الأجر للعرب، تبين أنه يكرههم ويصفهم بالغباء والإرهاب، والمفارقة تكمن في أن العرب تلقوا خبر انضمام غوغل إلى قائمة أعدائهم من خلال محرك غوغل نفسه الذي نقله بكل شفافية من مصادره المختلفة دون أن يتدخل في مضمونه· والعرب الآن في حيرة من أمرهم، ولا يستطيعون حتى مقاطعته وإن وجهوا دعوة إلى ذلك فهم يحتاجون بالضرورة إلى بعض خدماته، ولا يسعهم أمام هول الفاجعة إلا قولهم: حتى أنت يا غوغل!