قال حماري الذي كان منهمكا في قراءة الجرائد اليومية، وبعد أن تلطخ بحبرها الأسود وصار مفحما أكثر من صورته الأصلية قال·· يقولون إن ملف المجاهدين المزيفين سوف يفصل فيه في آخر الشهر؟ قلت له·· وماذا يقولون أيضا؟ قال·· وأشياء أخرى معادة·· ضحكت من كلامه وقلت·· يعني قضية المجاهدين هي التي لم تعد؟ قال·· ليست هذه القضية هي التي تحيرني، لأن الأمر يتجاوزني ولا أستطيع حتى التفكير في أن يقوم أي كان بهذا ''السطو المعنوي'' على البشر، ولكن بما أن قضية الزيف عادت·· تذكرت يوم شربنا الماء المخلوط بالمازوت·· ثم انطلق في قهقهة عالية·· متواصلة·· قلت له أيها الحمار التعيس أظنك أصبت بالجنون، كيف لك أن تخلط بين السياسة والمازوت؟ قهقه من جديد وقال·· أنت هو المجنون يا صديقي وتستغرب من خلط السياسة بالمازوت·· فمن لا يؤمن بهذه المعادلة حتما هو معتوه·· قلت له·· فعلا من يصاحب حمارا مثلك يستحق الجلد حتى الموت·· نهق عاليا وواصل جولته في القهقهة والصراخ وقال·· ''التزييف'' هذا هو المصطلح الذي ''زلف'' عقول الناس·· يزيفون في العملة وفي اللباس وفي الأوراق الرسمية وفي الماء والصابون وحتى الخبز·· قلت له·· هذه هي سنة الحياة يا حماري ''المتزلف''·· قال·· هذه هي سنة ''البريكولاج'' والعالم الثالث الذي فقد مصطلحا يسمى المصداقية والصدق وصار يعوم في برك الكذب والفبركة·· و·· صرخت في وجهه وقلت·· كفاك من هذه المصطلحات أنت تذكرني بهؤلاء القوم··