على الرغم من أن الدستور الجزائري يكفل للعامل حق الإضراب، إلا أن وزير التربية الوطنية أبوبكر بن بوزيد حذر وهدد عمال قطاعه بالطرد المباشر لكل من سولت له نفسه الدخول في إضراب، متجاوزا بذلك هذا الحق القانوني، حيث أعلن عن عدم احترام القانون في حال المساس بقطاعه والمجازفة بمصير التلاميذ، موضحا بذلك لكافة النقابات أنه هو الوحيد الذي يفصل في القضايا المتنازع عليها، وبطبيعة الحال لصالح قطاعه حتى وإن كان ذلك تعديا صارخا على القوانين، لكن هذه التصريحات تطرح العديد من التساؤلات، ما الأسباب الحقيقية وراء تهديدات الوزير، في هذا الوقت الحساس بالذات؟ ضمن الدستور الجزائري ترسانة من القوانين تخص النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب وحماية مصالح العمال، لكن تطبيقها في الميدان يبقى يثير الكثير من الجدل، وغالبا ما تكون العدالة طرفا أساسيا لإنهاء أي إضراب، حيث تشير وضعية ممارسة حق الإضراب في الجزائر إلى تواجد العديد من الاختلالات يرجعها عدد من القانونيين إلى ضبابية تعامل الحكومة مع النقابات سيما النقابات المستقلة، وهو حال تعامل وزير التربية الوطنية مع النقابات المستقلة التابعة لقطاعه، حيث بالرجوع إلى النصوص القانونية التي ضمنها دستور 1989 وكرسها دستور 1996 سيما في القانون 02 - 90 المتعلق بممارسة حق الإضراب، حسب المادة 24 منه، فإن ممارسة الإضراب حق مشروع ما لم يمس بالأغراض السياسية، حيث يكفل تنفيذ هذا الإضراب العديد من الأحكام أهمها أنه لا يجب الشروع في الإضراب إلا بعد استنفاد كل وسائل التسوية الودية، وهي الوسائل القانونية المنصوص عليها في المادتين 4 و,5 فالإضراب ليس غاية ولا وسيلة، بل أداة ضغط في حال فشل وسائل التسوية الوقائية والعلاجية الداخلية والخارجية، إضافة إلى ضرورة إصدار قرار الإضراب من أغلبية العمال العاملين، أي صدوره بطريقة ديمقراطية من مجموعة العمال بعيدا عن أي ضغط، وذلك حسب المادة ,28 كما يشترط الإخطار قبل الشروع في الإضراب، والتي يجب ألا تقل عن 08 أيام، إضافة إلى عدم عرقلة حرية العمل وضمان سلامة وسائل وأماكن العمل، لكن عند ممارسة النقابات المستقلة حقها تصطدم بالعدالة كطرف آخر غالبا ما تجبر على إثره على تعليق الإضراب دون تحقيق أي مطلب، وهذا ما تعرضت له النقابات المستقلة التابعة لقطاع التربية خلال السنة الجارية، فبدخولها في أي إضراب إلا ويلجأ المسؤول عن القطاع إلى العدالة كطرف آخر من أجل إبطاله، وعلى الرغم من أن النقابات استنفدت كل الطرق من أجل تفادي التصادم معها، إلا أن الوزير بن بوزيد هو الآخر لجأ إلى كل السبل من أجل تكسير النقابات المستقلة، فبعد أن أغلق كل أبواب الحوار معهم، لجأ إلى العدالة لتكسير الإضراب من جهة واللجوء إلى نقابات موازية تعمل من أجل تكسير الإضراب، لم يكتف الوزير عند هذا الحد بعد مواصلة النقابات للإضراب في كل مرة، بل لجأ إلى طريقة حسبه ''مثلى وناجعة''، حيث حذر الأساتذة من التفكير وبلهجة شديدة من التلاعب بمصير ومستقبل التلاميذ وذلك بالدخول في إضرابات تعيق السير العادي للدراسة خلال السنة المقبلة ولا سيما السنوات القادمة، مشيرا إلى أنه لن يتسامح ولن يتساهل مع هؤلاء الأساتذة الذين يقومون بإعاقة الدراسة خلال السنة الدراسية· وأضاف الوزير قائلا: ''هناك العديد من الأشخاص من يطمحون في مناصب للتدريس، وينتظرون الفرصة لذلك، ولهذا أحذر الأساتذة من الدخول في إضرابات خلال السنوات المقبلة لأن الضرر الأكبر يعود عليهم، وسيتم طرد كل شخص يدخل في إضراب، فحذار حذار''، لكن ما يجب طرحه الآن بعد هذا التهديد المباشر، واالتصريح بإمكانية تعدي الوزير على القوانين من أجل ضمان استقرار قطاعه، لماذا يلجأ الوزير إلى هذا التهديد وفي هذا الوقت بالذات·