منذ صغري كنت مولعا بشرب حمود بوعلام· أذكر أنني كنت أدخل مع والدي إلى مقهى بجوار سوق ''جامع ليهود'' بالقصبة بعد كل تسوق أسبوعي، يطلب قهوة له وكأس حمود بوعلام لي· كانت هناك علامات أخرى من المشروبات الغازية، كانت هناك كوكا كولا وبيبسي كولا وفانتا، لكنه لم يطلب لي يوما كأسا آخر غير كأس حمود، وما كنت لأطلب يوما غير ذلك· كنت أراه مشروبا عجيبا بألوانه الأربعة، تعجبني عراقته تشعرني بالإنتماء إلى مكان معين، وثقافة معنية، أشعر أنني إبن هذه المدينة· لما كبرت، أو كما يقول البعض، ''لما عرفت صلاحي''، لم أغير في الأمر، كنت أدخل وحدي المقهى نفسه وأطلب قهوة وكأس حمود· لست أدري لماذا واصلت على نفس المنوال؟، ربما لأن أبي كان يروي لي من هو حمود بوعلام، وكيف كانت خصاله، ويروي لي أيام دخل الأمريكان خلال الحرب العالمية الثانية وكيف كانوا لا يختلفون عن الفرنسيين ويتعاملون مع الجزائريين بذهنية اليانكي والكوبوي· كان أبي يقول لي مرارا ''عندما حدث الإنزال الأمريكي بالجزائر ودخل الكوبوي إلى المدينة فسدت طباع الناس أكثر''· ربما لأنني مازلت أتذكر أفلام الواستيرن التي كان يأخذني إليها والدي بسينيماتيك العاصمة، ومازلت أتذكر تعاطفي مع الهنود الحمر· ربما لأنني أعرف كيف تحولت قارورة الكوكا كولا من شكل فتاة برازيلية سمراء ترقص السامبا إلى قنبلة عنقودية سقطت على أطفال العراق وفلسطين· ربما لكل هذه الأسباب اتخذت موقفا من هذا المشروب الغازي الذي يغزو بلدا قبل أن يغزوه المارينز· اليوم، يحلو لي مرارا أن أعود إلى ذلك المقهى الذي لم يتغير كثيرا، فأطلب كأس حمود، وأشعل سيجارة ''فأحس بالرجولة وكأنني مازلت طفلا''· سيلتقي، اليوم، ''الخضر'' ب ''اليانكي'' في معركة رياضية، قد يتأهلون ويثأرون لجدهم الأول الرايس حميدو، وقد لا يتأهلون، ولكن في كلا الحالتين، سأفتح قارورة حمود وأشرب مع الأصدقاء نخب فريق جدد للمدينة مجدها الأول·