تكهن كثير من المشككين في مرور مونديال جنوب إفريقيا دون حدوث كارثة في الدورة التاسعة عشر لكأس العالم الكروي· سبق وأن كتبنا أن بلاتير منح تنظيم المونديال للقارة الإفريقية كنوع من ترضية الضمير، فيما بقي العالم في خوف من أن تكون جنوب إفريقيا غير قادرة على التحضير في الموعد المحدد· فقد تصاعدت الأصوات المؤكدة على عدم قدرة جنوب إفريقيا ضمان التنظيم الحسن· ونحن على بُعد أيام من النهائي المنتظر، اكتشف العالم أنه لم تحدث أعمال شغب ولا عنف، مثلما كان يتوقع الجميع، بل حتى تلك السرقات الصغيرة التي سارع الإعلام العالمي لتسويقها على أنها سرقات ضخمة، لم تكن بذاك التهويل الملفت للنظر، ولم تتجاوز الحوادث العابرة· فيما يخص التنظيم، لم نسمع عن أي مشكلات معينة، فجنوب إفريقيا ليست أمام أول تنظيم رياضي دولي لها، فقد سبق لها أن نظمت عام 1995 كأس العالم للعبة الروغبي، حيث كسب الرئيس نيلسون مانديلا ثلاث سنوات فقط بعد إسقاط حكم الأبرتيد، رهان تنظيم كأس العالم للروغبي، مع العلم أنها الرياضة التي تجسد ثقافة البيض في جنوب إفريقيا· كان النجاح في الموعد، فقد فاز فريق ''سبرينغبوكس'' المحلي· في مونديال ,2010 وإن لم يفز فريق البافانا بافانا ولم يتجاوزوا الدور لأول، إلا أن كتاب التاريخ لن يتوقفوا عند هذا التفصيل، فالفرق الإفريقية خرجت ورأسها مرفوع، وسيسجل أنه خلال المونديال الإفريقي عرفت هذه الفرق إصلاحات كبرى· سيسجل التاريخ سنتين أو ثلاث من الآن، على أنه في القارة الإفريقية تم عودة التوازن بين القارات في المجال الكروي· كما سيسجل على أنه في إفريقيا تم إعادة النظر في طرق التحكيم ومعايير تسيير هذه الرياضة· ففي إفريقيا أعيد النظر والاعتبار في التحكيم من أجل مصلحة اللعبة· سيسجل التاريخ على أنه في أرض قوس قزح ولد نجوم كرة القدم الجدد، وفي هذه الأرض تحطم كبرياء الفرق الكبيرة العريقة في كرة القدم· لكل من سمح لنفسه بإعطاء الدروس، قدمت القارة الإفريقية أفضل الدروس للعالم، درس لن ينساه التاريخ