تؤكد المحامية فاطمة بن براهم، أن عدم دراسة القضايا بدقة والتسرع في إصدار الأحكام، إضافة إلى ما تسميه ''سلطة التلفون''، من العوامل التي ساهمت في زيادة الأخطاء القضائية التي تكررت كثيرا· تتكرر الأخطاء القضائية، فيُحكم على الواحد مثلا بالسجن، ليتبين بعد سنين أنه بريء، فمن المسؤول عن ذلك؟ هذه من أخطر القضايا التي تواجهها العدالة، والقضاة هم المسؤولون في النهاية عن مثل تلك الأخطاء، لأسباب مختلفة، منها أنه لم يكن لهم الوقت لدراسة القضايا من كل جوانبها، مما ينتج عنه ذلك الحكم الذي يتبين بأنه قاصر، وربما بسبب عدم تطبيق البعض للقوانين، ونتج عن هذا الكثير من المسجونين البريئين، وجعل الناس يتحولون من السؤال: كم من مجرم حكم عليه؟، إلى السؤال: كم من بريء حكم عليه؟ أين تكمن نتائج تلك الأخطاء؟ نتج عن هذا أن السجون التي يفترض أن تكون حكرا على المجرمين والمنحرفين، أصبحت تمتلئ بالمثقفين، ونحن نشهد الارتفاع الكبير لنسبة الناجحين في شهادة البكالوريا من بين المسجونين إلى درجة مثيرة للانتباه، وأرى أن الشخص الذي يرى نفسه مظلوما وهو يحكم عليه بالسجن، يلجأ بعد ذلك إلى القراءة والاجتهاد حتى ينجح ويحصل على أعلى الشهادات ليبين للمجتمع بأنه بريء، فلو كانت لنا مادة في القانون تعاقب القضاة الذين يرتكبون مثل تلك الأخطاء، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من أخطاء قضائية متكررة، فالقاضي الذي يخضع للمسؤولية الجزائية يجتهد أكثر فأكثر حتى لا يقع في أي خطأ، إضافة إلى ''سلطة التلفون'' التي تسببت كثيرا في مثل هذه النتائج المؤسفة· هل هناك بالفعل فراغ قانوني في هذا المجال؟ لا وجود لفراغ قانوني، فقانون العقوبات لسنة 2001 الذي أشرف عليه رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس وهو قانوني معروف، يعترف بالخطأ القضائي، ويجبر على التعويض، فالمادة القانونية موجودة، وهناك لجنة على مستوى وزارة العدل، لكن كم من ملف تمت معالجته منذ 2001 إلى الآن؟ أعتقد أن تلك الملفات المعالجة إن كانت موجودة، فهي قليلة جدا·