عاش الشارع التونسي، أمس، على وقع مستجدات لم تكن في الحسبان، على اعتبار أن أعدادا كبيرة من التونسيين خرجوا للمطالبة بتنحي الوزراء المنتمين لحزب الرئيس المخلوع، بصفتهم رمز النظام السابق، ومع ذلك تمكنوا من الاحتفاظ بحقائب سيادية في الحكومة التي يُفترض فيها التحضير للفترة الانتقالية التي ستدخل من خلالها تونس عهد الديمقراطية. وقد كان لضغط الشارع التونسي تأثيره على تشكيلة الحكومة، إذ سارع الوزراء المنضوون تحت لواء الاتحاد العام للشغل لتقديم استقالتهم في أقل من يوم بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. يأتي هذا التحرك في وقت أكد فيه الوزير الأول محمد الغنوشي أن كل الأسماء المشاركة في الحكومة المؤقتة والمنتمية للحزب الحاكم السابق إنما ''احتفظوا بمناصبهم لأننا نحتاجهم الآن''، في إشارة إلى أنهم من المشهود لهم بالنزاهة. غير أن هذا الطرح لم يلق رد فعل إيجابي لدى الشارع التونسي الذي يظل يطالب بإقصاء كل المنتمين لحزب بن علي. بهذا الخصوص تقول الإعلامية التونسية كوثر الهكيري ''إن الشارع التونسي بات متفقا على أنه لم يقدم كل ما قدمه من تضحيات من أجل أن يعود رموز النظام السابق من النافذة بعدما أخرجهم الشعب من الباب، التونسيون يطالبون بحل الحزب الحاكم''. المثير أن المظاهرات لم تقتصر على العاصمة التونسية، بل شملت عددا من ولايات البلاد، مثل القصرين وصفاقس وغيرها، حدث ذلك في الوقت الذي شهدت فيه العاصمة عودة المعارض السياسي المنصف المرزوقي من منفاه في فرنسا، حيث أكد عزمه المشاركة في الساحة السياسية من خلال ترسيم حزبه. لم تقتصر المظاهرات على الاتحاد العام للشغل في تونس، بل امتدت للنقابات الفنية، التي طالبت وزيرة الثقافة المعينة حديثا بتقديم استقالتها، وقد جاء تفاعل الوزيرة المخرجة السينمائية مفيدة تلاتلي من خلال تجميد مشاركتها في الحكومة إلى حين استجابة الوزير الأول لمطالب نقابة الفنانين والشارع التونسي، مع الإشارة إلى أن المطلب لم يعد ينحصر في إقصاء وزراء حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم السابق، بقدر ما أصبح يهدف لحل الحزب وعدم إشراكه في الحكومة المؤقتة.