موجة من الضحك، غير المبرر، انتابت حماري اللعين، ولم يكشف عن سبب ذلك·· تركته وانهمكت في قراءة كتاب ''الخبز الحافي''، أقلب الصفحة تلوى الأخرى، وعيناي تلتهمان الحروف التهاما، وفجأة، صمت وقال·· - ماذا تقرأ يا صديقي؟؟ أجبته، بكثير من الثقل·· كتاب عنوانه ''الخبز الحافي''· إنطلق، من جديد، في موجة الهستيريا التي انتابته، وتعالت ضحكاته، غير المتناسقة، من جديد حتى كادت أعصابي تفلت مني· - لماذا تقهق بهذه الطريقة المستفزة أيها الحمار الخلوق··؟؟ ألا ترى بأني أقرأ في كتاب؟؟ صمت حماري قليلا، ثم قال·· أنا آسف، سوف أصمت، تماما، ولن أضحك ثانية، ليس لأنك تقرأ كتابا، ولكن لأن الضحك، في حد ذاته، لن يجدي نفعا·· لقد قرأت دراسة تقول ''إضحك للحياة·· تعيش سبع سنوات أكثر''! إستهوتني الفكرة، وأصبحت أضحك كما ترى، من أجل إطالة عمري، وفجأة، تذكرت أن هذه الدراسة لا تصلح على الفقراء من أمثالي وأمثالك·· لماذا نطيل أعمارنا التعيسة من أجل شقاء أكثر؟؟ والغريب أن ضحكي جاء مع قراءتك لكتاب عنوانه ''الخبز الحافي''، الذي يلخص كل تعاستي، في هذه الحياة الملعونة· الضحك، أيضا، قسمة ونصيب الأغنياء في هذه الدنيا ·· هم إذا ضحكوا وأطالوا أعمارهم، فلن يخسروا شيئا، مادام النعيم يحيطهم من كل الجوانب· قاطعته، قبل أن يسترسل في تحليلاته التشاؤمية·· يا حماري، قلت لك، أكثر من مرة، أن سر السعادة هي القناعة، فلماذا تتغابى وتحاول أن تقنع نفسك بهذه الدراسات الوهمية التي تبيع الأعمار والأقدار وغيرها من الغيبيات التي لا يعرفها سوى الخالق؟· إقتنع حماري، قليلا، بكلامي، وقال·· فعلا لك كل الحق يا عزيزي، المكتوب هو المكتوب، فلماذا أتبطر على حياتي؟·· ولكن، رغم ذلك، أنا أبحث عن فرصتي الضائعة، أريد أن أعيش أفضل·· أنا حمار غير عادي ·· أنا ·· غرست، مرة أخرى، رأسي في صفحات الكتاب، وتركته لنرجسيته الزائدة التي اختلطت بقهقهات كثيرة ·· علها، فعلا، تطيل من عمره وأذنيه، طبعا!