أخبار العالم كلها تبدو سيئة وغير سارة ولا تبعث على الاطمئنان إطلاقا·· أزمات اقتصادية وأخرى سياسية وأخرى أخلاقية ·· إلى أين يا ترى؟ هذا هو السؤال الذي يشغل بال حماري ''الفاهم'' الذين يريد أن يفهم كل شيء·· قلت له·· دعك من كل هذا·· لن تتمكن من الوصول إلى رأس الخيط·· قال ناهقا·· أنا لا أسعى إلى رأس الخيط ولكن على الأقل تفكيك بعض الرموز والألغاز التي أصبحت تتكاثف مع الوقت·· قلت·· ما يهمك ''خليها تخلى'' أنت تعيش في هذه الغرفة التي تأكلها الرطوبة ولا أحد يسأل عنك وأنت تريد أن تحل مشاكل العالم·· قال··ليس أنا فقط من يعيش في الرطوبة ولا أحد يسأل عنه·· الشعوب كلها تتقاسم الوضع نفسه والرطوبة نفسها ومع ذلك تجتهد في فهم ما يحدث·· قلت·· والله لا أفهمك·· الناس يبحثون عن راحة البال وأنت ''جيني يا بلاء ولا انجيك''؟ قال·· اقتصاد فرنسا يشرف على الانهيار وحكامنا العرب يشرفون على السقوط مثل الأصنام ونحن الشعوب نشرف على الجنون·· ضحكت ساخرا وقلت·· الجنون؟ لماذا كل هذا على الأقل أنا لست معنيا بالأمر·· قال ناهقا·· لأنك بارد قلب لا تكترث لما يحدث حولك·· قلت·· أنت لا تدري نعمة ذلك·· تصور لو أن كل واحد من هذا الشعب اكترث لما يحدث وسأل عن حقوقه وواجباته وأراد أن يعرف ما له وما عليه·· ماذا سيحدث بعدها؟ قال·· ستنفجر الدنيا حتما·· نظرت إليه بحزن وقلت··هل فهمت نعمة اللامبالاة؟ قال·· فهمت ولكن·· قاطعته وقلت·· لا تغطي الشمس بالغربال ودعك من هذه التحاليل السخيفة وأنت تعرف جيدا المثل الذي يقول ''كي تشبع الكرش الراس يغني''··