المتابع للوضع الداخلي يدرك تماما دون تفكير أن الهوة بين الشعب والمؤسسات ما زالت في الاتساع ويرى أيضا أن الخطوط المتوازية لن تلتقي أبدا·· قال حماري وهو يحلل كعادته·· الشعب يغرق في المشاكل التي تنغص عليه حياته الهادئة مثل ارتفاع الأسعار والبطالة وأزمة السكن·· وأصحاب القرار يغرقون أيضا في مشاكلهم الخاصة البعيدة تماما عن تطلعات الشعب·· قلت·· الشعب يريد الخبز والسلطة تريد المحافظة على مكتسباتها التي اغتنمتها في غفلة من الشعب·· نهق حماري عاليا وقال·· في التسعينيات كنا نطلب السلم وكل الغاشي كان يريد فقط الحياة بعد شلال الدم الذي فاض في كل البلاد وبعدها طلبنا الديمقراطية فأعطتنا السلطة حزمة من الأحزاب ومازالت تعطينا حتى تخرسنا باسم التعددية·· قاطعته ضاحكا·· أنت مخطئ فهي لم تعطنا لا أحزاب ولا غيرها·· قال·· أعطتها لبعض المناورين الذين تخاف أن يقطعوا عليها الطريق·· قلت·· ومع ذلك فهذه الأحزاب ورغم محاولتها التهريج في الساحة السياسية إلا أنها قوبلت بتقليم الأظافر وإدخالها إلى بيت الطاعة من أجل الشيتة ومباركة خطوات السلطة قال·· والمبايعة أيضا·· قلت·· منهم من ركب موجة الإسلام ومنهم من ركب الديمقراطية ومنهم من ركب العلمانية ولكن كل ذلك لم يشفع لهم عند الناس·· قال ناهقا·· ومع ذلك السلطة مازالت تفرخ الأحزاب عوض أن تلجأ لحل المشاكل الفعلية للشعب بإعطاء مصداقية لمؤسساتها الاقتصادية والسياسية والبحث عن الانشغال الحقيقي الذي يؤرق عامة الناس·· قلت ضاحكا·· أنت تستحضر أفلاطون أيها الحمار·· قال·· أنا أتكلم في الذي يجب أن يكون·· قلت·· ولكن العالم لا يسير بالمثاليات أيها الحمار وبات من الضروري أن تفكر السلطة فيما سيحدث حولها قبل فوات الأوان··