تتعدد مناحي الإبداع وحقول الكتابة عند عمار بلحسن من القصة القصيرة إلى النقد الأدبي ذي الموضع السوسيونقدي إلى البحث السوسيولوجي في قضايا الإسلام السياسي والهوية والتاريخ والحداثة والتراث والإزدواجية اللغوية.. وغيرها، التي خاض غمارها وتاه في سبلها ومفازاتها المتنوعة الجوانب والأبعاد، وكلها كانت تمثل إحدى المنظورات وآليات الاشتغال لديه وفق ما استقاه من مفاهيم وأشكال فنية من سياقات مختلفة عربية وأجنبيةفي سيرورة لا تتوقف لمحاصرة المآخذ والمعضلات التي واجهته والإكراهات الثقافية التي ميزت عصره وزمنه واستبدت بوجدانه الفكري والسياسي والثقافي والإجتماعي وحتى الحياتي، ففي النقد الأدبي استطاع عمار بلحسن عبر ما كتبه عن ''الأدب والإيديولوجيا'' والرواية والتاريخ أو ''نقد المشروعية'' و''القص والإيديولوجيا في رواية الزلزال للطاهر وطار'' و''الرواية والإيديولوجيا الوطنية - دراسة سوسيولوجية لثلاثية محمد ديب'' وغيرها مما أنجزه بمخبر سوسيولوجيا الأدب بقسم العلوم الإجتماعية - جامعة وهران أن يتجاوز تلك المنطلقات النظرية العامة التي دأب عليها النقد السوسيولوجي السياقي الخارج - نصي كما أرسى دعائمه ومقوماته النظرية والمفهومية كل من إسكاربيت وألبير ميمي الذي لا يولي أهمية سوى لما هو خارج النص مثل وضع الكاتب الاقتصادي والاجتماعي باعتباره منتج السلعة الأدبية ودراسة الوسائل الإقتصادية للأدب على غرار الإنتاج والاستهلاك والقراءة والانتشار والتداول النقدي الإعلامي منه والأكاديمي ليصل بلحسن، وهنا سر تميزه، إلى ربط النص ببنيته الاجتماعية دون التغاضي عن أسئلته الجمالية والبنائية والفنية. وعلى صعيد آخر، نجده يكاد يكون من السوسيولوجيين القلائل الذين قاربوا بوعي إبداعي ومعرفي شديد الخصوصية أعطاب المجتمع الجزائري والإكراهات التي حالت دون تمثله الوجداني ومعايشته الوجودية لأسئلة الحداثة والعصر والمدنية والديمقراطية في تعدد واجهاتها ومقولاتها وتباين الخلفيات النظرية والغايات المضمرة أو المعلنة التي تسمح بتحديد أسئلة الهوية والتاريخ والحداثة والازدواجية اللغوية لتشمل الكيفيات التي رأى بلحسن أنها تطال وتخترق مجالات عدة منها السياسي والديني والاجتماعي والثقافي في طابعها المؤسساتي أو اليومي المتحول بحثا عن''خارطة طريق'' تدلنا بوضوح على أن ''الحداثة المعطوبة'' وهو عنوان إحدى مقالاته ليست معطى جاهزا أو قدرا محتوما على المجتمع الجزائريوعن ماهية الإنسان والمجتمع والدولة أو ''دولة الاستقلال السياسي'' مثلما يسميها وفي القصة القصيرة لم يبتعد كثيرا عن تيار الواقعية الذي كان سائدا خلال فترة السبعينيات من القرن المنصرم من وجهة نظر حالمة في بعض الأحيان وإنتقائية عبر لغته الشعرية الفجائعية التي لا تخفى على أحد متميزا عن بعض مجايليه على الصعيد الموضوعاتي بإهتمامه الواضح بإشكالات فرضتها يوتوبيا الحلم الثوري وقضايا التحرر والتحرير تنويعا على ما اكتسبه من قراءاته لمفكرين نافذي التأثير كأنطونيو غرامشي الذي كان يشكل مرجعية كبرى بالنسبة لبلحسن على ضوء مشكلات ''المثقف العضوي'' والإيديولوجياثم الموقف الإنتقادي من الماضي ومن الطابع المحافظ السكوني للذهنية العربية المعاصرة مثلما أنه قدم أيضا مساهمات متعددة في حقل الترجمة ترجمة النظرية الاجتماعية وإشكالات ''المثقف العضوي'' ومهامه وشروط انبثاقه لدى غرامشي وعلى العموم، فالمنجز الإبداعي والفكري لعمار بلحسن لا زال يحافظ على راهنيته ولم تغير من مشروطيته الإبداعية مطلقا التحولات المتسارعة كون هذا المنجز بأسئلته المتعددة لا زال يعيش معنا مشاغل عصرنا حدسا وعقلا وتخييلا.