أثارت زيارة الداعية المصري وجدي غنيم إلى تونس الكثير من الجدل، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الزيارة تأتي بعد سنوات من التضييق على الحريات الدينية، وفي إطار التفتح على كل الأفكار، يعرب آخرون عن تخوفهم من الخطاب السلفي المتشدد الذي لا يتماشى مع طبيعة المجتمع التونسي، وفق رأيهم. وتأتي زيارة غنيم إلى تونس بعد دعوات وجهت له من قبل جمعيات إسلامية سلفية لإلقاء عدد من الخطب خلال جولته بعدد من المدن التونسية. وانقسمت الآراء حول هذه الزيارة بين الترحيب والرفض، وبين الدعوة لقبول كل الآراء في إطار حرية التعبير والفكر والمعتقد، وبين من يعتبر أن الزيارة ''لا تدخل في حقل حرية التعبير''. ويعتبر الناطق الرسمي باسم حزب التحرير -الذي لم يحصل على الاعتماد بعد- رضا بلحاج أن تونس تعيش بعض ''المشاكل المفتعلة والمضخمة، الأمر الذي يدعو للاستغراب''. وأضاف ''يبدو أن وراء هذه القضايا غرفة عمليات تحاول إلهاء الناس بالتفاهات والشكليات، أو ربما للتغطية حتى على رجالات هم قيد المحاسبة والمتابعة''. وبين بلحاج -الذي يدعو حزبه لعودة الخلافة الإسلامية- في تصريحاته أن هناك تناقضا حول تناول هذه المسألة ''فمن جهة هناك دعوة لحرية التعبير والفكر، ومن جهة أخرى هناك دعوة لمنع ولحجر الأفكار المختلفة بطريقة إرهابية فكريا وإعلاميا''. وأشار بلحاج إلى أنه يمكن مناقشة أفكار غنيم أو غيره بالفكر، وإلا فإن العكس هو ''استدراج للدكتاتورية''. من جهته، قال الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة أبو يعرب المرزوقي إن ''خطاب غنيم حتى وإن خلصناه من التشويه الذي يهدف إلى زعزعة حركة الفكر الحر في تونس من قبل من يدعون الحداثة، فإنه لا يروق لي شخصيا، قراءة للإسلام وتحديثا للحضارة العربية الإسلامية''. غير أن أبا يعرب المرزوقي بيّن أن ''خلافه مع مضمون خطاب غنيم لا يعني عدم الاعتراف بحق الاستماع لكل أصناف الخطاب'' لأن حرية التعبير ليست مقتصرة على أحد فروع الطيف السياسي في تونس بل هي شاملة وفقا لما قضته الثورة. واعتبر أن التخوف من السلفيين، قد يقود إلى دكتاتورية بن علي ليحول دون وجود هذا النوع من التعبير عن الرأي، أو أن يقود إلى القناعة بأن التعبير العلني على المواقف هو شرط من شروط تجنب العنف''.