إلى غاية الآن، لا يوجد أكثر من محاولات فردية تهدف إلى ''توحيد الإسلاميين'' لدخول التشريعيات المقبلة، وقد توافق مثلما قد ترفض، مجالس شورى الأحزاب التي ستناقش اليوم وغدا، جدوى هذا التحالف· مقابل ذلك يشوب هذه المحاولات إرادات ترغب في دخول التشريعيات باسم حزبها فقط، وأخرى في تحالف بعدي وليس قبلي، بدليل كشف جاب الله ليأسه، واعتبار البعض من داخل ''حمس'' أن التحالف مع الإصلاح والنهضة ''ليس أكثر من تقديم خدمة لزملاء حزبيين خائفون من الاختفاء''، وانتقاد مناصرة لمحاولات التحالف الحالية بتحالف مقاعد وليس برامج، وقول البعض الآخر أنه ''حتى إذا وقع تحالف لن يكون تحالف إسلاميين بقدر ما يكون تحالف أحزاب''..· على ضوء هذا، أي حظوظ للإسلاميين في تشريعيات تتهددها المقاطعة؟ وأيهم سيكون صاحب اليد الأطول في مفاوضات ما بعد التشريعيات، لتشكيل حكومة ''الجمهورية الجديدة''؟ يؤكد عبد الرحمن سعيدي، رئيس مجلس الشورى في حركة مجتمع السلم، أن دورة لهيكله، ستنعقد اليوم، يُناقش فيها المستجدات السياسية والتحضير للتشريعيات، ''ومن بين جدول الأعمال نقطة التحالف التي تعود فيها الكلمة الأولى والأخيرة للمجلس''، مبقيا الباب مفتوحا بهذا التصريح على كافة الاحتمالات قائمة، بما فيها سقوط التحالف في الماء والانتقال إلى مرحلة ما بعد إرادة ''جرافة'' الذي يقود مسعى تحالف الإسلاميين. الصورة الحقيقية·· في حركة مجتمع السلم يوجد تيار يدعو إلى تحالف إسلامي، بحكم التزامات سابقة في الخطابات التي كانت تتضمن آمالا في توحد الإسلاميين كجزء لا يتجزأ، إيمانا بالأممية الإسلامية، كما أن هناك تيارا متحفظا يعبّر عنه مصدر بقوله ''هناك من هو حريص على سمعة حركة مجتمع السلم التاريخية والسياسية، لأن التحالف مع النهضة والإصلاح لا يستبعد القراءة التي تقول إن حركة مجتمع السلم لجأت إلى تحالف بعد إدراكها أنها لم تعد قادرة على المنافسة السياسية، بينما الحقيقة أن حركة مجتمع السلم ليست في حاجة إلى الإصلاح والنهضة''، وبالتالي يفضّل المحافظون في حركة مجتمع السلم ''الدخول إلى التشريعيات والحصول على أية نتيجة كانت مع بذل قصارى المجهودات على تحالف مع أحزاب تحتاج إلى إنقاذ. هنا سيكون الحصول على نتيجة رديئة وبالا ليس على ''حمس'' وحدها بل على كل المتحالفين الإسلاميين''، وبالتالي الاندثار وفتح المجال لآجال غير محددة سياسيا، أمام قوتين صاعدتين تمثلان قطبا أكثر اتزانا وثقة إلى درجة أنهما تضعان التحالف بين ثانويات الأولويات، والمقصود بهما جاب الله ومناصرة ومن معهما. والدلالة أيضا على قوة قطب ''جاب الله مناصرة'' وضعف قطب ال ''مان'' (حركة مجتمع السلم، الإصلاح والنهضة)، هو استباق القطب الثاني بسبب خوف يتملكه تأكيد الدخول إلى التشريعيات القادمة بقوائم موحدة، ونشر ذلك في الصحافة، استنادا على ''صورة لمأدبة عشاء التقط بعضهم صورها ''بالبورتابل'' داخل منزل أحدهم'' مثلما يقول مصدر، بينما الحقيقة أن مجالس الشورى لم تناقش ذلك بعد، في محاولة صريحة لتوجيه وفرض أمر الواقع على المناضلين، حتى ولو كانوا يشاءون ذلك. البعض يرى في طريقة وكيفية ''إخراج'' صورة هذا التحالف، ضربا كبيرا لمصداقية احترام المؤسسات التي كانت تحظى بمصداقية كبيرة تحت قيادات سابقة لهذه الأحزاب المتحالفة، التي قد يلتحق بها جمال بن عبد السلام. الحظوظ·· حظوظ بعدية وليست قبلية من خلال الصورة التي منحتها جبهتا التغيير والعدالة والتنمية في مؤتمراتهما التأسيسية، تبدوان بلا منازع أنهما الأكثر استعدادا في الميدان من أجل حصد أكبر أصوات الإسلاميين في الجزائر. واستنادا إلى تصريحات سابقة لكل من جاب الله وعبد المجيد مناصرة، فإن ثقتهما في أنهما سيكونان من ضمن الأغلبية البرلمانية القادمة، تجعلهما من أنصار التحالفات البعدية التي تراهن على صياغة الدستور وتشكيل الحكومة القادمة، وليس التحالف من أجل احتلال مكانة ما ضمن البرلمان القادم. وكان مناصرة قد عبّر عليها صراحة بقوله ''إننا سنكون ضمن الأغلبية التي تشكل منها الحكومة'' وقول جاب الله ''ليس لدينا أدنى شك بالفوز بالانتخابات''، مما يسمح بالقراءة التي تقول باحتمال حدوث تحالف بعد التشريعيات بين جاب الله ومناصرة، وبالتالي يصبح أمام القطب الوطني الذي يسيطر على السلطة والإدارة خيار التحالف مع قطبين إسلاميين لتشكيل البرلمان الذي يصادق على دستور الجمهورية الجديدة، لكن كل هذا في حال استطاع تحالف ''المان'' إحراز نتائج قريبة من تلك التي من المحتمل أن يحصدها جاب الله ومناصرة. وتضمن الجزائر بذلك سيناريو إسلامي قريب مما حدث في تونس ومصر، لكنه بطريقة جد ''مهذبة وسلسة'' بعيدة عن ''تورط'' الجيش في السياسة، وتورط الإدارة في التزوير.