قال عز الدين فهمي السفير المصري بالجزائر، أمس، أن التعاون بين بلاده والجزائر يوجد في أعلى مستوياته سياسيا وأمنيا، وأن القاهرة قد تسترشد بموقف الجزائر في ملف تسليم أنصار القذافي للنظام الليبي الحالي، ''وإن كان الموضوع من صلاحيات مصرية أعلى''، وعاد به النقاش إلى الأزمة الجزائرية المصرية التي خلقتها المباراة المؤهلة لمونديال ,2010 فقال ''كانت نتيجة غياب مشروع قومي''، لكنه ''حذّر'' بنعومة من تأثر مناخ الاستثمار الأجنبي في الجزائر بسبب ما حدث لفرع أوراسكوم، وعاتب بالمناسبة صاحب الشركة مقابل ذلك وقال ''الأخ نجيب ساوريس بالغ في كيفية التعبير عن مشكلته بالجزائر''· نزل السفير ضيفا على الجزائر نيوز وفضائها ''ألف نيوز ونيوز''، حيث جمعه مع جمهورها الإعلامي والعام نقاش تعرض فيه بالتحليل والمعلومات إلى مستقبل مصر بعد الثورة وعلاقاتها مع الجزائر، وهما المحوران الأساسيان اللذان تطرق لهما· ''أقسم بالله أنني قلت لابني بالخارجية المصرية أن عهد مبارك لا يمكن أن يستمر'' لم يذكر السفير المصري عز الدين فهمي خصلة واحدة من خصال النظام السابق الذي عمل له كسفير في سلطنة عُمان· وقال : ''أنتم تعلمون أن السفير يعمل ممثلا لحكومته وهو ينقل ويتلقى نيابة عنه رسائل الدول التي يكون فيها سفيرا وهذا ما كان يدخل في مهمتي عندما عملت في عهد النظام السابق''· وأضاف ''لقد كنت أوجّه رسائل من سلطنة عمان إلى النظام المصري حتى ولو لم تكن في سياق ما يمكن إرساله''، مشيدا بالمناسبة برجاحة عقل السلطان العماني وتكوينه العالي· ولكن أصر السفير على التوضيح أن ''عمله تحت لواء النظام السابق ليس معناه أن لا يكون للسفير رأيه الخاص حول الأحداث''· واستدل عز الدين فهمي بقوله ''أقسم بالله أنني في إحدى المرات قلت لابني العامل بمصالح الخارجية المصرية أن الوضع والحالة السائدة في مصر في عهد مبارك لا يمكن أن تستمر''· وفي خطوة غير منتظرة مقارنة بخصوصيتها تحدث السفير حتى عن ظروف وكيفية التحاق نجله بمصالح الخارجية، وقال إن ابنه يعمل فيها بعد أن اجتاز امتحاناته سبع مرات متتالية، وأن ابنته حاولت واجتازت الاختبارات الكتابية ''ولكن سقطت في المرحلة الشفوية لأسباب أجهلها''· وفي سؤال حول ما إذا كان من الضروري تغيير شامل في السلك الدبلوماسي الذي عمل في ظل نظام مبارك حول العالم، دافع السفير عن زملائه بقوله ''إن السلك الدبلوماسي المصري من أحسن الإطارات المصرية العليا، فهي اجتازت امتحانات صعبة ومضنية للغاية، لا مكانة فيها إلا للكفاءة التي تستحق''· لهذا رأى السفير من غير المعقول التضحية بكل هؤلاء لمجرد عملهم إلى جانب النظام السابق· وقال مقابل هذا الكلام إن المسألة لا تمنع من مراجعة مدروسة، كاشفا عن قرب حركة في السلك عبر عواصم مهمة في العالم · نظام مبارك استباح الشعب في مداخلته الافتتاحية اعتبر الممثل الدبلوماسي المصري أن النظام السابق ''استباح الشعب المصري وضيّق عليه ممارسة السياسة وزاد في فقره وتهميشه وتكاثرت في ظله عدم المعرفة وتراجعت كل الإبداعات الثقافية والفنية والسياسية في عهده'' إلى درجة يقول السفير إن بعض الدول الصغيرة اعتقدت أن الشعب المصري استكان· ومواصلة لوصفه النظام السابق قال ''رغم أن طلبات الشعب كانت مشروعة إلا أن النظام السابق لم يستجب وكان يسخر من الشعب في الانتخابات بجعل أحزاب كرتونية تنافس الحزب الحاكم''· وأردف ''كانت سمة نظام مبارك الاستهزاء والاستخفاف، وهذا ما أضعف مصر داخليا وخارجيا''· وأوضح أن علاقة الشرطة بالشعب في حاجة إلى ترميم بسبب تعاملاتها مع الشعب قبل الثورة، ''فهي لم تكن معاملة طبيعية''· بالثورة···نالت مصر تقدير العرب والعالم وقال السفير في هذا الباب أن مصر دقت أبواب الديمقراطية وودعت المشاركة السلبية ''فكسبت بثورتها تقدير العرب والعالم وخطت دول أخرى بخطانا''· وقدّر السفير أيضا أن التيار الإسلامي في مصر لم يكن له غير الوصول إلى ما وصل إليه اليوم، ''لأنه كان مرتبطا بالشعب عندما كان مبعدا· واستبعد أن يأتي الضرر من حكمه ''لا ضرر من الإخوان ولا من السلفيين''، وذهب إلى حد التقدير أن الإسلاميين قد يحققون مكانة حتى ما بعد البرلمانيات عندما سُئل عن تناقض في أغلبية إسلامية في مجلس الشعب وغير ذلك في الحكومة، مضيفا ''الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال وتعلم أن عمرها قصير ومن حق الإسلاميين تشكيل حكومتهم، حسب أغلبيتهم، ثم أن التحرير موجود فكلما أراد الشعب أن يعبر عن ذلك نزل· وتساءل ''لم الخوف ونحن نعلم أن اختيار الشعب هو السائد في النهاية''· ويرى فهمي عز الدين -أيضا- أن مصر تمر بمرحلة انتقالية ستخرج بها من عنق الزجاجة دون نقض للمواثيق والعهود الدولية ''إلا إذا رأى الشعب ضرورة مراجعة البعض منها''· واعتبر أن التوجه الاقتصادي المصري مستقبلا لن يخرج عن نظم اقتصاد السوق ''فمعظم الاسلاميين من رجال الاعمال ويعرفون أهمية هذا التوجه''، مواصلا ''لن نعرف تقسيمات هشة بعد اليوم من قبيل النوبة والصعيد، ولن نقترض من الخارج لأن مصر لها امكاناتها''· وقال السفير إن النموذج الماليزي والتركي أو البرازيلي الأقرب إلى التطبيق في مصر ''كونه النموذج المحقق لتنمية محسوسة خلال عشر سنوات''· وقال إن الشعب المصري يعرف مصالحه وعدوه، ''فقد قطع الغاز عن إسرائيل وحمل سفيرها على الرحيل وأنا لا أقول هذا من منطلق تشجيعه او الوقوف ضده بل استدل على أن الشعب المصري يثق في نفسه ويعرف ما يريد''، مقدرا أن المصريين قد لا يعارضون التعامل مع إسرائيل إذا لم يقف هذا الكيان ضد مصالحهم· اختفاء العراق وسياسة النعامة التي مارسها نظام مبارك ساعد في بروز قطر وإيران وعن الدور الذي أصبحت تلعبه قطر مقابل تراجع قوى عربية اخرى كانت تقوم بدور كبير، قال السفير المصري أن ذلك وليد اختفاء العراق، وتأثر السعودية وسوريا، مع السياسة التي كان ينتهجها النظام المصري الذي كان كالنعامة، هو الذي فسح المجال أمام بروز قوى أخرى، وذكر منها قطر وإيران· كما أوعز ''الظاهرة القطرية'' إلى استغلال جيّد منها لإمكانياتها وتأثيرها السياسي وقدّم قناة الجزيرة كنموذج عن ذلك· وقال أن السياسة الخارجية للدول لا تكفل وحدها فينبغي ان تكون لها مكملات، ''الآن أصبحنا نرى كيف تحل مشاكل كبيرة بمكالمة هاتفية''، داعيا إلى ضرورة ان تكون الجهود العربية مكملة لجهود قطر دون تحسس· الصحراء الغربية والساحل··الحل الاممي والتنسيق السياسي عن الصحراء الغربية، قال السفير إن بلاده تؤيد حلا عبر الأممالمتحدة، وتشدد على أن مسائل الحدود مسائل بالغة الأهمية ''ودور مصر في هذا الباب لن يخرج عن دعم الجهود الدولية من أجل حل يرضي الجميع''· أما قضية الساحل فكانت منطلقا للسفير من أجل ذكر مستويات التنسيق السياسي والأمني الجزائري المصري بخير، حيث أضاف أنه تنسيق في أعلى مستوياته· كما رد المشاكل التي تعرفها المنطقة إلى انتشار السلاح الليبي· وعن الأزمة الجزائرية المصرية السابقة بسبب كرة القدم، قال ''كانت على خلفية غياب مشروع قومي لا يرقى إلى إهدار علاقة بلدين شقيقين بسببها''· أما عن ملف أوراسكوم، فقال ''لقد اطلعت على رواية الأخ نجيب ساوريس والرواية الجزائرية ولكن اعتقد أن الأخ ساوريس بالغ في كيفية الحديث عن خسارته رغم حدوثها وتضرر بعض فروعها''· لكن بالمقابل قال ''رغم أنني لا أريد الحديث عن هذا الموضوع إلا أن المسألة تهمني كون المسألة لها علاقة بمناخ الاستثمار المصري خصوصا والأجنبي عموما في الجزائر، إذ لا يجب أن يكون لهذا المثال تأثير على نوايا من يرغبون في الاستثمار بالجزائر''، مذكرا بتاريخ الجزائر ومصر في ثورتيهما· وأما عن أنصار القذافي المتواجدون بمصر، فقال ''قد نسترشد بالموقف الجزائري الذي يستقبل عائلة القذافي ولو أن القضية بين يدي مصالح مصرية أعلى''، مفصلا أن مسألة محاكمة عادلة وتوفير الحماية من أهم شروط التسليم المتروك للسلطات المصرية· كما أكد وقوف مصر ضد تسليح المعارضة السورية، وعدم إثارة التوتر مع إسرائيل·