مجزرة كرم الزيتون الجديدة بحمص محزنة، ومخزية، مجزرة قام بها النظام الأسدي بحق الأطفال والنساء السوريين أمام أعين المجتمع الدولي، العاجز والصامت. مجزرة تؤكد أن التقاعس الدولي ستكون كلفته عالية جدا في سوريا، والمنطقة ككل، ولن يكون المجتمع الدولي بمعزل عنها. فتفاصيل المجزرة الأخيرة مخزية بكل معنى الكلمة، حيث تظهر رغبة النظام الأسدي في الانتقام من السوريين والتنكيل بهم بشكل بربري، وهمجي، حيث الاغتصاب، والتمثيل بالجثث، وقتل الأطفال بأبشع أنواع القتل. وبالطبع لا شيء يبرر الجرائم، لكن المجزرة الأخيرة تظهر جليا انعطاف الأحداث بسوريا إلى منعطف طائفي خطير من قبل النظام الأسدي، فطبيعة القتل ليست قتال معارك، بل هي عمليات تدل على حقد، ورغبة عارمة في القتل والتشفي، وبشكل بشع، حيث لا حرمة لأطفال، أو نساء. كل ما سبق من شأنه أن يؤجج المشاعر ليس بسوريا وحدها، وإنما بالمنطقة برمتها، فالنظام الأسدي يقوم بأعمال وحشية بحق السوريين الذين لا يملكون أي وسيلة للدفاع عن أنفسهم، فالمواجهة ليست متكافئة، فنحن أمام نظام يستخدم كل ما لديه من أسلحة للفتك بالمدنيين العزل، وأمام أعين المجتمع الدولي، بل إن المجزرة وقعت بعد تصريحات السيد كوفي عنان عن تفاؤله بإنجاز أمر ما في سوريا، بعد لقائه الأسد. وهنا ربما على السيد عنان، ومن هم متفائلون مثله بالتوصل إلى حل دبلوماسي في سوريا، أن يقرأوا ما نشرته ''الشرق الأوسط'' أول أمس نقلا عن وزير الخارجية التركي الذي يقول بأنه قد زار دمشق، منذ توليه منصب مستشار رئيس الوزراء التركي، اثنتين وستين مرة، وبالطبع لم يفِ بشار الأسد بأي عهد قطعه، أو قطعه نظامه، للأتراك، فما الذي ينتظره أنان، أو غيره من نظام لم يلتزم قط بوعد قطعه، ومنذ عشرة أعوام، أو أكثر؟ فالنظام الأسدي قرر أن يبقى بالحكم ولو بقتل السوريين، واليوم تأخذ الأمور بسوريا منحى طائفيا خطيرا، وإذا لم يتدخل المجتمع الدولي تدخلا فاعلا يغير قواعد العملية كلها بسوريا، فإن الثمن يكبر يوما بعد الآخر، وسيدفعه الجميع، وليس السوريون وحدهم، أو المنطقة، فالنظام الأسدي يراهن على البعد الطائفي، بل ويتصرف وفق ذلك، وها هي إيران تعلن، ثاني يوم مجزرة الأطفال والنساء بحمص، وبلا حياء، دعم طهران الكامل لبشار الأسد ونظامه، فما الذي ينتظره المجتمع الدولي؟ القصة ليست قصة مجلس الأمن، فحماية المدنيين جزء من واجب المجتمع الدولي، وهذا أمر يمكن أن يتم خارج مجلس الأمن، طالما باتت مهمة هذا المجلس هي حماية قاتل الأطفال بدمشق. ولذا فلا بد من التدخل العسكري الآن، ولا بد من تحرك تحالف الراغبين دوليا لإنقاذ السوريين، فكل يوم يمر دون موقف دولي حاسم يعني أن الأزمة السورية ستطول، وستكون تبعاتها كارثية على كل المنطقة. وعلى المجتمع الدولي، والمؤثرين فيه أن يتذكروا أن ما يحدث بسوريا لا يدين الأسد وحده، بل إنه يدين كل من هو قادر على فعل شيء ولم يتحرك للآن من أجل إنقاذ المدنيين العزل.