المتمعن اليوم في الأزمة الكبيرة التي يعيشها فريق مولودية الجزائر، يستطيع دون عناء معرفة الوضع المالي الذي تعيشه كرتنا على مستوى أنديتها وهيأتها دون استثناء· وإذا كان غسيل المولودية العاصمية قد نشر إلى العلن منذ عدة شهور وأخذ حيزا مهما من انشغالاته أسرة العميد والشارع الكروي الجزائري بصفة عامة، فإن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى أن الأزمة التي تعصف بأركان هذا النادي العريق، ما كان لها أن تحدث لو كانت كرتنا تملك التقاليد والسلوكات والمبادئ والقناعات التي تسير بها الأندية في العالم، ولا نضيف شيئا إن قلنا إن ما يجري في الساحة الكروية الجزائرية يعد فريدا من نوعه طالما أن التناحر القائم اليوم حول من يترأس المولودية ويمكن تصنيفه في خانة الفوضى التي تعيشها الكرة الجزائرية التي لم يشفع لها دخلوها عالم الاحتراف، حيث حافظت على تقاليدها البالية التي سيرت بها لعشريات من الزمن إلى درجة باتت تنعت بكل الأوصاف، بعد أن ظلت رهينة نزوات مسيريها الذين يبحثون عن مصالحهم الشخصية ويعملون بذلك على إبقاء الوضع متعفن· وحتى لا نشخص فقط الفترة العسيرة التي يمر بها ''العميد''، حري بنا التذكير بالمشاكل العديدة التي عاشتها الأندية في الماضي وما تزال، لأن ما يعصف بالمولودية حاليا حدث في الكثير من المناسبات، ولعل الجمهور الرياضي مايزال يتذكر ما حدث ذات موسم لنادي مولودية وهران الذي انتقل إلى سيدي بلعباس بفريقين ورئيسيين، في سابقة خطيرة لم يسبق وأن شهدها العالم الكروي في البلدان المصنفة في خانة الضعيفة التي لا تملك مقومات اللعبة ولا إمكانياتها· وفي خضم الصراعات الكبيرة التي تضفي على المشهد الكروي الجزائر نوعا من مظاهر البؤس والشفقة على ما آلت إليه اللعبة في بلادنا، ما تزال الإجابة عن السؤال الوجيه والتقليدي غائبة، وهو لماذا يصر رؤساء الأندية في بلادنا على التمسك بمناصبهم ويتشبثون بأفكارهم وحججهم وقناعاتهم ورؤيتهم الضيقة؟ ولئن كانت الجوانب المادية هي التي تطغى غالبا على سلوكات هؤلاء الرؤساء والمسؤولين باعتباهم يخرجون في كل الأحوال غانمين، فإن ما يثير حقا الدهشة هو توافق كل ذهنيات هؤلاء الرؤساء التي تلتقي في نقطة جوهرية وأساسية، وهي عدم التفريط في مناصبهم مهما كانت الأمور، غير مبالين بالمصير المجهول الذي ينتظر أنديتهم· وإذا استثنينا اليوم رئيس إتحاد العاصمة حداد الذي تولى شؤون الفريق وجلب أمواله، فإن بقية رؤساء الأندية يعيشون إلى يومنا هذا على ما يصلهم من السلطات، وهنا بيت القصيد·