أكد الدكتور دحو جربال، ظهيرة الثلاثاء الماضي، بمكتبة الشهاب بالعاصمة، خلال تقديمه مؤلفه “المنظمة الخاصة لفدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني"، أن “الجزائر ليست بحاجة إلى اعتذار فرنسا"، وأن دوائر فرنسية كثيرة ما زالت لم “تهضم" بعد خروجها من الجزائر رغم مرور خمسين سنة على ذلك. جربال دعا بالمناسبة ياسف سعدي إلى الاطلاع على أرشيف الثورة جيدا قبل أن يشكك في مسار المجاهدة لويزة إغيل احريز، التي شكك في نضالها وجهادها في خرجة غير متوقعة منه منذ سنة خلت. يأتي كتاب دحو جربال، الصادر عن منشورات الشهاب، منذ شهر بمناسبة الصالون الدولي للكتاب، ليميط اللثام على كثير من الشخصيات الثورية التي ظلت بعيدة عن الأضواء رغم دورها المحوري في تطور النضال الثوري، وقال دحو إن عمله الذي بدأه في الثمانينيات، كان بهدف الحديث عن رجال تعرضوا للإقصاء والتهميش مباشرة بعد الاستقلال، لدواعٍ سياسية وحسابات شخصية، ويخص بالذكر فاعلين تاريخيين في فيدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني، الذين قدموا الكثير للثورة في إطار ما سماه علي هارون “الولاية السابعة". فقد كانت هذه النخبة جد ملتزمة بالكفاح في إطار المنظمة الخاصة، وساعدت على نقل الصراع إلى الأراضي الفرنسية، فشعر بها الفرنسيون البسطاء وتفطنوا إلى وجود ثورة من أجل الاستقلال. فالكتاب عبر صفحاته 448 يقدم شهادات وتوضيحات لأول مرة “لم يكشف عنها من قبل من طرف فيدرالية فرنسا لجبهة التحرير ولا حتى تقارير الشرطة الفرنسية". واستغرب المؤرخ كيف أن هؤلاء الفاعلين تم الاستغناء عنهم بسهولة مباشرة بعد 62 دون أن يعترف لهم بدورهم المحوري. والكتاب التفاتة من قبل الكاتب ليسجل اعترافه بخصوص هذه المجموعة. تطلب كتاب هذا العمل من صاحبه تسجيل 90 ساعة من الحوارات مع أعضاء المنظمة الخاصة، ليرسم من خلالها تاريخ الكفاح المسلح في فرنسا في فترة 56-62، ناهيك عن اعتماده على “كلومترات من الأرشيف" متمثلا في تقارير ومتابعات يومية لنشاط الأعضاء، حررتها المخابرات الفرنسية بحث كل عنصر من عناصر المنظمة الخاصة. تحدث جربال، في السياق ذاته، عن كتاب علي هارون “الولاية السابعة" الذي لم ينصف أعضاء هذه المنظمة، مستدلا برأي المناضل آيت مختار نصر الدين وسعيد بوعزيز اللذين سعيا إلى تنبيه هارون إلى “انتقاصه" من فعالية هؤلاء على الأراضي الفرنسية. وكشف المتحدث ذاته أن آيت مختار، كتب تقريرا من 82 صفحة يسرد فيه تفاصيل الهجومات والاجتماعات واللقاءات بفرنسا، إلا أنه لم يتمكن من نشره في فرنسا ولا في الجزائر على اعتبار أنه مجرد نص ذاتي وليس أرشيفا موثقا. في خضم النقاش، شدد جربال على فكرة أن فرنسا ما زالت “تحت الصدمة" وأنها “رغم تظاهرها بالتصالح مع ذاكرتها ومحاولة ترميمها للعلاقات، فإنها لم تهضم بعد فكرة خروجها من الجزائر بتلك الطريقة المذلة"، مؤكدا أن باريس بكل مكوناتها السياسية وفاعليها التاريخيين، وترسانتها العسكرية والدبلوماسية، تشعر لحد الآن بالقهر من فكرة أن مجموعة من أبناء الجزائر أرغمت أحد القوى العظمى في العالم على الخروج من أرضها. وعن عمل المؤرخين الشباب، قال جربال إنهم بدورهم لا يعرفون فعلا إذا اقترف بلده في حق الجزائريين، داعيا إياهم إلى الاطلاع على الأرشيف السري لكتابة تاريخية موضوعية ومنصفة. كانت المناسبة لجربال، للحديث عن بعض التقارير السرية للشرطة الفرنسية، التي تؤكد مشاركة بعض الأسماء في النضال، رغم مساعي بعض الأطراف إنكار ذلك، كما هو الحال بالنسبة لقضية إغيل أحريز وياسف سعدي. دحو قال إن بحوزته تقرير سري يؤكد متابعة المخابرات الفرنسية لخطوات المجاهدة “لويزات" على التراب الفرنسي، يسجل اسمها على أنها تشكل خطرا على أمن فرنسا. كما طالب الباحث من ياسف سعدي قائد العمليات في المنطقة الحرة، الذي شكك في نضال المجاهدةو بضرورة الاطلاع على الأرشيف قبل إصدار أحكام غير سليمة وصحيحة.