يرى أمين الزاوي، أن روايته الأخيرة “لها سر النحلة"، هي بمثابة الرد على “طاعون" ألبير كامو، الذي استحوذ على مدينة وهران لوحده ووفق نظرته الخاصة. النص هو إعلان لأحقية كاتب جزائري على مدينته، وهو أيضا مساحة كتب فيها عن أفكار معادية لقمع الحريات الفردية قبل الجماعية. جلسة دعا إثرها الزاوي الروائيين إلى التحلي بشجاعة العلماء الأولين، وأن يعودوا إلى التراث الإسلامي ليكتبوا أدبهم حتى لا يصنفون في خانة “المخنثين والهجناء". يشعر أمين الزاوي أن روايته الصادرة عن منشورات الاختلاف بمناسبة الصالون الدولي ال 17 للكتاب بالجزائر، تحمل الكثير من الأسرار تماما مثل السر الذي تكتنفه النحلة لكل من يتأمل قوتها وضعفها في آن واحد. فهي كما قال في جلسة “صدى الأقلام" بالمسرح الوطني الجزائري، نص يدافع عن المرأة والحب في نهاية الأمر، كذلك يصلح أن يتخذ منه “نشيدا للحرية" يرفعه هذا الكاتب أو غيره لصالح كل من يسعى إلى تحويل فعل الكتابة إلى فعل حرية. في “لها سر النحلة" عاد أمين إلى وهران، تجول في أزقتها العتيقة بدءا من حي “سيدي الهواري" إلى “المدينة الجديدة" ووقف عند منتصف ساحتها “لاباصتي"، ليستخرج من هوائها شخوصا لا يمكن ألا تكون خيالية بحتة، طالما أنها تنفست نسيم مدينة هي اختصار لبلد بأكلمه، واختزال لمعاناة شعب في عشرية سوداء، اختلط عند الفرد معنى المدنس والطاهر، الحلال والحرام، الحب والكراهية، الجنة والنار.. وغيرها من النواقض. يقول الكاتب: “هي رواية مدينة بالفعل، تحكي عن أحياء حقيقية عرفناها منذ وجودنا بها، كما اعتبرها إحالة على رؤية ألبير كامو التي نقلها على أدبيا من خلال (الطاعون)، ولأقول إن هذه وهران ليست وهران كامو، بل هي وهران التي ولدنا فيها، تربينا بين أزقتها، تعلمنا في مدارسها، أحببنا فيها، تزوجنا بها.. هي ملكي وليست لكامو بكل ما لها من ملامح بقايا ذاكرة إسبانية أو فرنسية..". ناقش الزاوي مع الشاعرة لميس سعدي وعدد من الطلبة والكتاب، مختلف القراءات الممكنة لنصه المكتوب باللغة العربية، موضحا في هذا الباب: “لم أتعمد اختيار العربية في هذه الرواية بالذات ولا الفرنسية بالنسبة لليهودي الأخير في تمنطيط، لا يوجد سبب علمي أو موضوعي بين هذين الخيارين، هي فقط حاجة لقول أفكاري، مع أن سر النحلة موضوعه أخطر لأن القارئ بالعربية يشعر أنه أمام نص مزلزل يقلق". وعن شخوصه المتناقضة، “فاطمة" الفقيرة المتحولة و«يامنة" التقية التي تقرر تغير حياتها رأسا على عقب فقط من أجل لحظة تشعر بها بأنوثتها، جاء في النص: “.. في لحظات اليأس الجارفة التي كانت ترمي بها في نوبات بكاء ونحيب مستمر تدوم اليوم والليل، كانت تقول لنا: أنا مستعدة أن أنسى هذا القرآن على آخره، سورة سورة، وآية آية وكلمة كلمة، وأمحو من مخي كلما حفظته من “صحيح" البخاري، مستعدة أن أحول كلامه إلى بخار أو ضباب.. مقابل أن أعثر على رجل يشعرني بأنوثتي ويمنح هذا الجسد حقه من الدنيا، لا علم دون أنوثة شبعانة، والعلم الكثير عند النساء في بلاد دون ثقافة وعلم يحولهن إلى فزاعات تخيف الرحال، أنصاف الرجال". الجرأة التي يتخذها الزاوي في تعاطيه مع الأسئلة الحميمة، يقول إنها سلوك طبيعي في قلمه: “منذ 85 سنة نشر صهيل الجسد، وأنا وفي لثالوث المرأة والجنس والسياسة، علما أنها ليست موضة بتاتا، إقتناع مني بأن الحرية الفردية أسبق من الحرية الجماعية". ويفسر المؤلف طريقته هذه بإيمانه أن الروائي العربي بحاجة إلى التخلص من الطابوهات، مع أن التراث العربي والإسلامي “كسر هذه الحواجز خاصة عند الأئمة الأربعة، الذين تحلوا بالشجاعة في الطرح"، في إشارة منه إلى فقه النوازل الذي سمح للمسلمين بفهم دينهم بعيدا عن التزمت والتعصب، وتأقلموا مع متغيرات الزمن ومستجداته. يشرح الزاوي: “لو تحلى الروائيون العرب بنفس شجاعة الأولين لكان السرد أقوى"، مضيفا: “أمريكا اللاتينية فهم أدبائها قوة التراث الإسلامي، فسرقوا منه كثيرا ونجحوا". بالنتيجة تولد في العالم العربي، حسب الزاوي “أدباء مخنثون وهجناء"