كشف الروائي أمين الزاوي، أنه يعتمد من خلال كتاباته الأدبية، فلسفة الدفاع عن الحرية الفردية حيث يمكن عبر تحقيقها تكريس الحرية الجماعية التي ينافق العالم العربي نفسه كثيرا عندما يدّعي أنه يضعها هاجسا نصب عينيه. قال الزاوي أنه لم يكتب عن ثالوث “الحرية، السياسة، والجنس” مواكبة لموضة سادت، بل يعتبر نفسه من أوائل الخائضين في هذه المواضيع منذ “صهيل الجسد”، الرواية التي منعت في كامل العالم العربي بعد سجن ناشرها العام 1985، ويضيف المتحدث في هذا السياق بالقول: “لا فصل بين الحرية وتوأمها الكتابة الإبداعية الأدبية، حيث يبقى الكاتب الأصيل وفيا لمجموعة من القيم والمواقف في الحياة والسلوك والأخلاقيات على مستوى الأسلوب”. وأكد المترجم أن فقدان الصلة مع شجاعة أدباء أمتنا العربية الإسلامية وعلمائها، من أمثال الأئمة الأربعة، والفقهاء..واحدة من أكبر الأزمات التي نعانيها، حيث تميز التراث الديني وخاصة فن “النوازل” بشجاعة الطرح التي لا يتمتع الروائي العربي بعشرها، حيث اختار بانفصاله عن تراثه أن يكون مجرد هجين ومخنث في الكتابة، ونعيش نحن بالنتيجة نوعا من المسخ والتشويه الإبداعي، وأشار الزاوي إلى استفادة أمريكا اللاتينية من هذا التراث لتصل إلى ما هي عليه اليوم من تطور أدبي، مؤكدا على هوية الحكي العربي، بقوله: “طريقة حكينا ذات سحر، وأعتقد أن العرب بما فيهم من طرب وثقافة الأذن الغالبية على ثقافة العين، يخلق سر شهوة السرد التي ندهش بفنونها الآخر ويشده ألقها إلى اتخاذ موقف إلى جانبنا للدفاع عن ما نرومه من حقوق وقضايا”. “صودرت العربية لتوضئها ولخلق إبداع أفضلها على جنابة” ومن جانب آخر طرق أمين الزاوي باب تقصير العالم العربي في حق لغته، حيث أكد أننا لم نقدم الكثير لهذه اللغة، مقترحا إضافة حروف لأبجدياتها حفاظا على ارتباط الفرد بها، وتفاديا لنفوره منها لمجرد عدم تماشيها مع التطورات التكنولوجية، حتى نجعلها مواكبة للعصر في كل المجالات، حيث قال: “صودرت اللغة العربية لأنها متوضئة وأنا شخصيا أفضل أن تكون على جنابة لتخلق إبداعا، أحب الخطأ على مستواها، لأن الخوف عليها هو ما يقتلها كما حدث مع العبرية”. ووصف مدير المكتبة الوطنية الأسبق، روايته الأخيرة “لها سر النحلة” خلال مناقشة محتواها على مستوى فضاء “صدى الأقلام” في المسرح الوطني أول أمس، بنشيد الحرية ورواية المدينة، المدافعة عن المرأة والحب.. وقال أنها “وهران” المدهشة، التي رغم قيامها بفعل “اللسع” إلا أنها تقدم في أحايين كثيرة “العسل”، تصف العشرية الأخيرة من مسيرتها: “لا أكتب أدب الدم والقتل والاستعجال، ورغم أن روايتي ذات خلفية كلها رعب، إلا أنني أبرز كيفية عيش الناس لحياتهم اليومية، فقد قرأت العنف في وهران من خلال سيكولوجية الأشخاص والتشوهات التي خلفتها خلفيتها.. وتتحدث عن سلطة قامعة لذات الإنسان الجميلة باسم التقاليد، وبالتالي ف«لها سر النحلة” إدانة للذكورة الفاقدة لمعنى الفحولة، والأنوثة الغائبة والبعيدة عن معناها”، ويضيف: “هي رواية المدينة، تحكي عن “سيدي الهواري” أعرق منطقة في مدينة “وهران”..فكيف لا أكتبها وهي مدينتي التي أعتبرها ملكيتي الخاصة ولو بشكل شهواني كاذب، لما فيها من ذكرياتي وتفاصيل دقيقة من حياتي”. ووصف منشط “الفهرس”، كتابته فن الرواية باللغتين الفرنسية والعربية، بالحالة النفسية وقال: “أتأثر وأعيش مع شخصياتي وأتمنى قارئا يشاركني هذا الكذب الجميل”، وأكد أن النص الذي لا يصنع قارئا جديدا لا يمكنه أن يكون حداثيا، يحمل حتى من لا يتفق معك لقراءتك حتى يتغير”، وبالتالي فالنص بالنسبة إليه مطالب بصدم القارئ وزلزلته وخلخلة تقاليد القراءة لديه. كما أشار مبدع “لها سر النحلة” إلى خوفه من قضية تسييس الدين وخاصة الإسلامي، لأنه يختلف عن غيره كونه حضارة تفوق التفسير العقائدي بكثير، طارحا هم الهوية في المغرب العربي الكبير الذي يشغل باله، مبديا نوعا من الإرتياح نتيجة التنبه مؤخرا إلى ضرورة الخروج به من إطاره الإيديولوجي المتشنج العنيف إلى الثقافي الحضاري. للتذكير، صدرت رواية “لها سر النحلة” للأديب أمين الزاوي شهر سبتمبر الماضي، عن منشورات ضفاف بيروت ومنشورات الإختلاف الجزائرية، ولاقت صدى كبير لدى جمهور المعرض الدولي للكتاب.