تتصدر روايتا ربيعة جلطي وأمين الزاوي الجديدتين الدخول الأدبي لهذه السنة، إن صح الحديث عن ظاهرة اسمها ''الدخول الأدبي في الجزائر''. ويتعلق الأمر بروايتي ''نادي الصنوبر'' و''لها سحر النحلة''، على التوالي، في انتظار إصدار الرواية الجديدة لحبيب السايح ''الموت في وهران''. تتمحور رواية ''لها سحر النحلة''، الصادرة عن منشورات ''الاختلاف'' بالجزائر و''ضفاف'' ببيروت، لأمين الزاوي، حول حياة ''فاطي'' أو ''فاطمة''، وهي طالبة تجد نفسها مضطرة لمغادرة مقاعد الجامعة، في ظل جزائر تعصف بها أحداث الإرهاب والحرب الأهلية، حيث تذهب للاشتغال بمطعم صغير بحي ''اللاكدوك'' في وهران يشرف عليه ''خوسي''، كنادلة وغسالة صحون ومغنية في الوقت نفسه، إذ لها صوت جميل يشبه صوت خالتها ''يامنة''، فتعترض حياتها سلسلة من المفاجآت التي تجعلها تكتشف أمورا خفية، فتسعى إلى التخلص من مظاهر جفاف الأنوثة، وحتى تنعم بحياتها وتمارسها بكل حرية وإنسانية تعمل على صناعة ذاكرة جديدة، فتتخلص من كل العوائق. والرواية، في فلسفتها، تعتبر نقدا لصورة الأب وتحليلا لطرق تشكّل ثقافة الذكورة القامعة في العالمين العربي والإسلامي، وهي أيضا مقاربة للعنة ''الأنوثة'' التي تلاحق الذكر والمرأة على حد سواء في عالم مختل، وهي نشيد للحرية الفردية وهجاء فلسفي للحياة ''الجمعوية'' (كومينوتير) القامعة. أما رواية ''نادي الصنوبر'' لربيعة جلطي، الصادرة عن منشورات ''الاختلاف'' بالجزائر و''الدار العربية للعلوم ناشرون'' ببيروت، فهي عبارة عن نص متعدد الأصوات على ألسنة النساء والرجال. وتتبع الرواية شخصية مركزية هي ''الحاجة عذرا''، امرأة من بلاد التوارق، تتجلى من خلالها ثقافة التوارق اللغوية والموسيقية والاجتماعية، كما أنها تركز على العلاقة الخاصة التي تجمع المرأة بالرجل في مجتمع تارفي، حيث المرأة هي الأصل والرجل هو الفرع. جمال ''الحاجة عذرا'' وصدف الحياة يوصلانها إلى قصر من قصور أحد أمراء الخليج، وهو أحد هواة الصيد في الصحراء، يأتي إلى بلاد توارف الجزائر لممارسة هوايته، فيقع في حب هذه التارفية ليلة طلاقها، لتنتهي بزواج لا يعمّر طويلا، فتعود ''الحاجة عذرا'' لتستقر بمدينة الجزائر العاصمة، وفيها تلتقي بثلاث فتيات من الجيل الجديد، هن ''زوخا''، ''سمية'' و''باية''، وبالتالي استعراض أشكال انهيار وانكسار الجزائر ونهاية حلم وردي لطالما حمله الجزائريون على مدى نصف قرن من الاستقلال، حلم كان يرسم هذا البلد فضاء للحرية والتطور والعدالة. للعلم، ينتظر عدد من الروائيين إصدار أعمالهم الجديدة، على غرار محمد ساري وعبد الرزاق بوكبة، في الوقت الذي تمكنت دار ''الألمعية'' من نشر عدة أعمال روائية لكتّاب جزائريين وعرب، مثل فيصل الأحمر الذي عاد برواية ''ساعة حرب ساعة حب''، إضافة إلى عبد القادر شرابة ب''نصف وجهها المحروق'' وسعيد شمشم ب''رجل أفرزه البحر''، في انتظار إصدار الرواية الجديدة لحبيب السايح ''الموت في وهران''، وكذا الترجمة العربية لروايتيه السابقتين ''تلك المحبة'' و''مذنبون''، الصادرتين عن دار ''الحكمة'' بالجزائر.