تراجعت نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية بولاية تيزي وزو ب 4.3 بالمائة مقارنة بمحليات 2007، وأسفرت النتائج عن عودة الأفافاس إلى المجلس الشعبي الولائي وفوزه ب 17 مقعدا من أصل 67 مقعدا، تبعه الأرسيدي ب 16 مقعدا والأفالان والأرندي ب 7 مقاعد لكل واحد. وأظهرت النتائج الجزئية أن الأرسيدي لا يزال يسيطر على أغلب البلديات وفوزه في 25 بلدية. وجرت الانتخابات في ظروف عادية في العديد من البلديات، بينما شهدت بعض المناطق عدة عراقيل ومشاكل بين المواطنين والمترشحين والأحزاب. لم تأت الانتخابات المحلية بولاية تيزي وزو بالكثير من المفاجآت، حيث لا تزال الأحزاب التقليدية المتمثلة في الأفافاس والأرسيدي تسيطر بقوة على المنطقة، فيما تأكدت مرة أخرى ألا مكان للأحزاب الإسلامية في هذه الولاية. وما ميز يوم الانتخاب هو انتشار الأوراق الانتخابية خارج المراكز ومنحها للنساء والشيوخ لوضعها في أظرفة التصويت، وهي العملية التي قام بها العديد من الأحزاب. صباح انتخابي صامت وهادئ الساعة كانت تشير إلى الثامنة صباحا عندما بدأ العمل الميداني بمدينة تيزي وزو، كل شيء كان يوحي بأنه يوم عادي يشبه يوم جمعة، حركة الراجلين كادت تكون منعدمة، فقط بعض الشيوخ والكهول الذين قصدوا بعض محلات المواد الغذائية والمخابز، والطرق كانت شبه خالية من المركبات. الساعة كانت الثامنة والنصف صباحا عندما قصدنا أول وجهة، والتي كانت مدرسة “العيمش علي" بقلب عاصمة جرجرة، لم نجد أي مواطن داخل المركز، إلا المؤطرين وممثلي بعض الأحزاب يتبادلون الحديث، نصف ساعة بعد فتح المركز لم يتم تسجيل أي منتخب. بعدها قصدنا المدرسة الخاصة بالنساء المسماة “بادي رمضان"، وجدنا 4 مواطنين فقط من أدلوا بأصواتهم من أصل 1648 وهذا في الساعة الثامنة و46 دقيقة، وفي حدود الساعة التاسعة وربع توجهنا إلى مدرسة “عمر ميكاشير" بالمدينة العليا، وجدنا 5 مواطنين فقط من صوتوا من أصل 1520 مسجل، حيث لمسنا أن أغلب مدارس مدينة تيزي وزو سجلت نسبا ضعيفة جدا. بعدها قررنا التوجه إلى مدرسة بالمدينةالجديدة، حيث تم تسجيل في حدود الساعة التاسعة و50 دقيقة 6 منتخبين فقط من أصل 820 مسجل، وكشف أحد المؤطرين أن المنتخبين ينحدرون من عائلة واحدة. تركنا عاصمة جرجرة في هدوء تام وصامت، وإقبال ضعيف للمواطنين على مراكز الاقتراع، وفضلنا التوجه إلى منطقة الجنوب والجنوب الغربي، وهي المناطق التي تتضمن أكبر عدد من المسجلين في القوائم الانتخابية. وجهتنا الأولى كانت مدينة ذراع بن خدة، التي كان إقبال المواطنين على المدارس مختلف عن مدينة تيزي وزو، حيث لمسنا نوعا من الحيوية خصوصا لدى النساء، وكانت المراكز تستقبل بعض المواطنين الذين يقصدونها للانتخاب. ونحن نتجول بأحياء وشوارع مدينة ذراع بن خدة اصطدمنا بمواطن يقدم بعض أوراق الانتخاب لمجموعة من النساء بحي 400 مسكن، تقربنا نه لمعرفة إن كان الهدف التزوير أو التفسير عن كيفية الانتخاب، وتفاجأنا بوجود أوراق انتخاب لجبهة التحرير الوطني تقدم للنساء لإخفائها في حقائبهن وملابسهن ووضعها في الظرف عندما تكون في مكتب الانتخاب “هذه الطريقة تساعد النساء والعجائز الأميات على تجنب الخلط بين الأصوات وضمان وضع صوت الأفالان في الصندوق"، حسب الشاب الذي وجدناه يقوم بالمهمة لصالح الأفالان. وبعدما سألناه عن كيفية الحصول على الأصوات في الفترة الصباحية، أكد أن مجموعة من مناضلي الأفالان أدلوا بواجبهم الانتخابي مباشرة بعد افتتاح المكاتب بمدينة ذراع بن خدة وقاموا بجلب عدد من الأصوات بسرية من الطاولات. وفي هذا الصدد علمنا أن حتى مناضلي الأفافاس وحمس قاموا بنفس العملية بذراع بن خدة، وكانت المنافسة بينهم شديدة يتعذر على المراقبين والملاحظين اكتشاف العملية داخل المكتب. تيرميتين.. الأحرار بقوة الساعة كانت تشير إلى العاشرة و20 دقيقة، غادرنا مدينة ذراع بن خدة وقصدنا بلدية تيرميتين، دخلنا وسط البلدية، بدت لنا ديناميكية في التصويت، حيث وجدنا في أول مكتب دخلناه أكثر من 15 مواطنا ينتظرون الانتخاب. وصادفنا أحد معارفنا بهذا المركز الذي أكد لنا أن الأمور تسير بطريقة جد عادية، ولم يتم تسجيل أي مشاكل داخل المكاتب والمراكز، وكشف أن لعبة الكواليس تلعب بحرارة في الخارج، حيث أشار إلى أن مترشحي الأحرار والمتعاطفين معهم قاموا بعمل كبير في الحصول على أوراق التصويت بطريقة مجهولة، وكانوا ينقلون المواطنين الذين يقطنون بعيدا عن مكاتب الاقتراع عن طريق مركبات نقل المسافرين ويقدمون الأصوات لوضعها في الظرف على طريقة ما جرى بذراع بن خدة. بعدها توجهنا إلى مركز آخر، الذي لمسنا فيه العملية نفسها، حيث وجدنا ثلاث مركبات لنقل المسافرين توقفت أمام باب المركز نزل منها نساء وشيوخ، وبدأوا يصرخون “يحيا الأحرار"، كل شيء كان يوحي بأن الأحرار سيطروا على المنطقة، حيث أكد لنا أحد ممثلي حزب الأفافاس بالمنطقة أن كل المؤشرات توحي إلى فوز الأحرار بالانتخابات المحلية بتيرميتين، وهذا ما حدث طبعا حيث أسفرت النتائج الجزئية عن فوز الأحرار بهذه البلدية. سوق الاثنين.. صراع بين ممثلي الأرسيدي والأفافاس في بعض مكاتب الاقتراع غادرنا تيرميتين نحو بلدية سوق الاثنين، وهي البلدية التي سيطر عليها الأفافاس لمدة ثلاث عهدات انتخابية متتالية بزعامة محمد كلالاش، أول مركز دخلناه وجدنا ممثلي حزبي الأرسيدي والأفافاس يتبادلان التُهم، كل واحد يقول للآخر “تريد التزوير"، حيث كشف لنا ممثل الأفافاس أن ممثل الأرسيدي داخل المكتب ساعد إحدى النساء على اختيار ورقة الأرسيدي، ما أثار غليان ممثلي الأحزاب الأخرى. أما ممثل الأرسيدي، فأكد هو الآخر أن ممثل الأفافاس قام بنفس العملية عدة مرات. توجهنا إلى مكتب آخر بقرية تتواجد بالناحية الشمالية للبلدية، وأول ما شد انتباهنا خلال دخولنا المكتب هو وجود “بلبلة" بين المؤطرين وممثلي بعض الأحزاب، حيث اتهم ممثل الأفافاس أحد المؤطرين بمساعدة حزب الأرسيدي. رجعنا إلى وسط البلدية، ودخلنا المقهى، كان الكل يتحدث عن الانتخابات، كان أحد الكهول جالسا بمحاذاتنا سمعناه يقول “سيخسر الأفافاس في هذه البلدية لأن محمد كلالاش لم يترشح في قائمة الأفافاس"، وبعدها تبادلنا أطراف الحديث مع هؤلاء الكهول، الذين أكدوا أنهم من حزب الأفافاس لكنهم أبدوا تأسفهم الكبير من غياب الأمل في الحفاظ على البلدية، وأرجعوا السبب إلى ترشح الشخصية البارزة في الأفافاس بالمنطقة المدعو محمد كلالاش في المرتبة الثالثة بالمجلس الشعبي الولائي، وامتلكنا فضول كبير لمعرفة النتائج النهائية التي ستسفر عنها بهذه البلدية خصوصا بعد العمل الكبير الذي قام به مناضلو الأرسيدي بالمنطقة، واكتشفنا في الفترة الليلية أن الأفافاس فَقَدَ بلدية تعتبر من قواعده النضالية لصالح الأرسيدي، في وقت استطاع الأفافاس أن يسجل نتائج جيدة بالمنطقة في المجلس الشعبي الولائي. بوغني.. المواطنون يتحدون البرد والأمطار للانتخاب الساعة كانت تشير إلى منتصف النهار و40 دقيقة عندما كنا في وسط مدينة بوغني، أول ما شد انتباهنا خلال نزولنا من المركبة أمام إحدى مراكز التصويت هو التوافد الكبير للمواطنين للتصويت، وكان الكثير منهم يرددون شعارات “يحي الأفافاس" ويرد عليهم آخرون “يحي حزب العمال"، وعندما سألنا أحد المؤطرين عن السبب أكد أن كل المؤشرات توحي بأن الأفافاس وحزب العمال يتنافسان بقوة عن البلدية. كان الجو ببوغني بارد جدا وكانت الأمطار تتهاطل بقوة، ورغم ذلك لمسنا توافدا مستمرا للمواطنين يتحدون الأمطار والبرد لأجل منح أصواتهم للقائمة التي يرونها مناسبة. توجهنا إلى مدرسة بالحي العلوي لبوغني، وبالضبط بالمكان المسمى “تيكنيكوم"، وجدنا شباب يتراوح سنهم بين 20 و30 سنة يتداولون أصوات حزب العمال وآخرون أصوات الأفافاس، أول ما بادر بأذهاننا هو السيناريو نفسه الذي قام به الأفالان بذراع بن خدة، لكن بعد حديثنا مع هؤلاء الشباب أكدوا أنهم يظهرون للمنتخبين صور متصدري قائمة حزب العمال والأفافاس، ونحن نراقب هذه العملية خارج المكتب، وصلت إلى عين المكان بعض أعضاء اللجنة البلدية لمراقبة الانتخابات رفقة ممثل أحد الأحزاب الأخرى، وطالبوا من هؤلاء الشباب التوقف عن عمله أو إخطار مصالح الأمن. وبعدها ردد العديد من هؤلاء الشباب “أفافاس يلا يلا" بمعنى “الأفافاس دائما موجود". وبعد حديثنا مع أحد أعضاء اللجنة، أكد أنه رغم البرد والأمطار إلا أن الانتخابات ببوغني وفي كل الأحياء والقرى جرت بطريقة عادية، ولم يتم تسجيل تجاوزات خطيرة ما عدا بعض تجاوزات شباب يروجون لأحزابهم. وأسفرت النتائج مثلما كان متوقعا، الأفافاس في المرتبة الأولى وحزب العمال في المرتبة الثانية، ليفقد الأفالان بلديته. عين الزاوية.. لا للتزوير الساعة كانت تشير إلى الواحدة والنصف ظهرا عندما وصلنا إلى بلدة عين الزاوية، كانت المدينة شبه ميتة، كنا نعتقد ألا حديث عن الانتخاب، وبعد أن سألنا أحد المواطنين أكد أن مركز التصويت يتواجد في المنحدر الغربي للبلدية. توجهنا إليه، وجدنا في المدخل الرئيسي ممثلي بعض الأحزاب والأحرار ينددون بمحاولة تزوير حزب الأفالان للانتخابات، حيث أكد ممثل قائمة الأحرار أن مجموعة من المنحرفين وقفوا أمام المدخل الرئيسي ويطالبون من المواطنين وخصوصا النساء والشيوخ للانتخاب رقم 22. وكشف أحد المؤطرين بالمركز أن في الفترة الصباحية تم إخطار اللجنة البلدية بنفس التجاوزات، لكنه تأسف من عدم التدخل. وفي السياق نفسه، أكد مصدر من بلدية عين الزاوية أن حزب الأفالان دفع بين 1000 و2000 دينار لبعض الشباب للانتخاب لصالحه “اعترف لنا أحد الشباب داخل مركز الانتخاب أنه قدم للانتخاب لأنه تحصل على مبلغ مالي قيمته ألفي دينار، وآخر أكد أنه تلقى ألف دينار"، مشيرا إلى أن العديد من المواطنين بعين الزاوية أكدوا أن الأفالان هو من يدفع لهؤلاء الشباب. ذراع الميزان.. هنا الأفافاس 100 بالمائة تعتبر بلدية ذراع الميزان من القواعد البارزة لحزب الأفافاس منذ التعددية الحزبية، لكن الفضول دفعنا لزيارتها لمعرفة مجريات الانتخاب. دخلنا مركز مدرسة كريم رابح، وأول ما شد انتباهنا هو حدي المؤطرين وممثلي بعض الأحزاب وأجمعوا على أن الأفافاس هو المسيطر والفائز مسبقا، والشيء نفسه لمسناه بالمقهى والمطعم، فالكل يتحدث عن فوز الأفافاس “هنا الأفافاس 100 بالمائة"، حسب تعبير أحد المواطنين، وأضاف آخر “ذراع الميزان هي قاعدة نضالية للأفافاس والحملة الانتخابية أظهرت أن هذا الحزب الوحيد الذي كان في الميدان"، حيث أجمع العديد من الذين تحدثنا معهم أن “الأفافاس سيحصد أغلبية المقاعد بالمجلس الشعبي البلدي، وهذا ما حدث بالتأكيد، حيث فاز الأفافاس بالأغلبية الساحقة وبأغلب مقاعد المجلس الشعبي البلدي. آيت يحيى موسى.. الأرندي يثير البلبلة كانت بلدية آيت يحيى موسى مكان زيارتنا، التي لاحظنا أن حركة الراجلين بها كانت كثيفة وسط البلدية، والكل كان يترقب النتائج، المشاركة لم تكن قوية بسبب الأمطار والبرودة الشديدة، ففي الساعة الرابعة مساء سجلت 24.38 بالمائة، وتنقل إلى العديد من مراكز التصويت بأعفير وإبوهران وآيت أعطلة وشريفي، وأكد الجميع أن الانتخابات جرت في ظرف جيدة دون تسجيل تجاوزات ماعدا بقرية إعلالن، حيث أثار حزب الأرندي البلبلة وخلّف غليان الأحزاب الأخرى بعد تجنيده لكثر من المواطنين وخصوصا النساء، كما أقدم بعض المناضلين على ركن مركباتهم أمام مدخل المركز الذين ألصقوا عليها رقم 29 وصورة متصدر القائمة. وسرعان ما تدخلت لجنة مراقبة الانتخابات وحلت المشكل.