عاش حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين على حلم تحقيق “الخلافة الإسلامية" منذ تأسيسه النواة الأولى للتنظيم العالمي عام 1928، ومن المؤكد أن أهداف الإخوان، الذين وصلوا إلى الحكم في معظم دول الربيع العربي، لا تزال أمامها عقبات كثيرة ليس فقط بمقياس الأهداف التي وضعها مرشدهم الأول الذي كان يطمح، في جانب منها، إلى “استرجاع الخلافة الإسلامية"، ولكن أيضا بمقياس الأهداف التي وضعها الإخوان المسلمون أنفسهم في الدول التي وصلوا فيها إلى الحكم بداية من تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين ومرورا باسترجاع الأمن ووصولا إلى تحقيق الاستقرار السياسي الضروري للتنمية وجذب الاستثمارات. وإذا كانت الأوضاع في المملكة المغربية، التي وصل فيها الإخواني عبد الإله بن كيران إلى رئاسة الحكومة، قد اتخذت شكل الصعوبات الإقتصادية الجمة، فإن الأوضاع في تونس ومصر، وكلاهما شهد صعود الإخوان إلى الحكم أيضا، قد تجاوزت عتبة الصعوبات الاقتصادية إلى انفراط الوضع الأمني وسيطرة عدم الاستقرار السياسي. لقد فجّر اغتيال المعارض اليساري التونسي شكري بلعيد الوضع في تونس مما اضطر فعاليات من الإسلاميين الذين يحكمون هذا البلد إلى التفكير في إنشاء حكومة “تقنوقراط"، قال زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي إنه لن يكون لها مستقبل في تونس، ولقد جاء التفكير والإعلان عن ذلك نزولا عند ضغط الشارع في تونس الذي انفجر غاضبا عقب اغتيال شكري بلعيد كخطوة تمت قراءتها، من جانب المعارضة، على أنها بداية لمسلسل طويل من العنف السياسي في هذا البلد الجار. ولا تزال الاشتباكات بين المتظاهرين المحتجين وبين قوات الأمن هي السمة المميزة للديكور السياسي والأمني في مصر، وقد كان آخرها تلك التي حدثت في محيط قصر الإتحادية وفي ميدان التحرير تزامنا مع الذكرى الثانية لتنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك، وقد أدت هذه الاشتباكات، التي لم تكن الوحيدة من نوعها منذ ثورة 25 جانفي، إلى عدة إصابات من دون قتلى لكن الهدوء الحذر كان لا يزال هو سيد الموقف في هذا البلد الذي لم يستقر بعد على قاعدة من الوئام السياسي. وترى الناشطة التونسية حياة الرايس أن الإسلاميين قد يكونون مناضلين لكنهم ليسوا سياسيين ناجحين، وهذا الرأي يلتقي في جانب كبير منه مع آراء مختصين آخرين حاورتهم “الجزائر نيوز"، واعتبرت على المجمل أن الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم في دول الربيع العربي لا يقدرون السلطة حق تقديرها عندما يكونون خارج الحكم فضلا عن كونهم لا يأخذون بعين الاعتبار القوى الأخرى الموجودة في المجتمع.