مرشح لنيل الزيتونة الذهبية للمواهب الشابة تتواصل فعاليات الطبعة الثالثة عشرة لمهرجان الفيلم الأمازيغي بتيزي وزو تحت وقع عروض سينمائية ونشاطات فنية وثقافية متعددة؛ حيث احتضنت القاعة الكبرى لدار الثقافة “مولود معمري" عرض ثلاثة أفلام صبيحة أمس، تتنافس على جائزة “الزيتونة الذهبية" للمواهب الشابة. العرض الأول يتمثل في فيلم وثائقي بعنوان “إيخولاف"، مدته 40 دقيقة للمخرجة كهينة بوطالب، ينقل واقع وحقيقة ويوميات جمعية ذات طابع اجتماعي وإنساني تسمى “إيخولاف"، تنشط بدائرة أقبو بولاية بجاية. ويتطرق هذا الفيلم إلى الوضع الاجتماعي الصعب، الذي يعيشه الأطفال الذين سقطوا ضحايا ظاهرة الطلاق وانفصال الوالدين. ومن جهة أخرى، يظهر كيفية تكفل هذه الجمعية الخيرية بهذه الفئة المهمّشة، التي تجرعت آلام الحياة منذ الصغر؛ إذ تعكف الجمعية على ضمان التكفل بهؤلاء الأطفال في الجانبين الاجتماعي والنفسي وتربيتهم وتوجيههم بهدف تكوين شخصيتهم بطريقة تتلاءم مع الطبيعة الإنسانية ومحاولة إنقاذهم من السقوط في الآفات الاجتماعية. وأظهر الفيلم أن هذه الجمعية تتكفل بهؤلاء الأطفال على مدار السنة إلا أنه في مناسبة اليوم العالمي للطفل يخصص أعضاؤها نشاطات ثقافية وفنية وفكاهية متعددة ومتميزة، وذلك بهدف رفع معنويات هذه الفئة بصفة خاصة بهدف تحسيس الوالدين بضرورة التمسك بالعلاقة الزوجية وتجنب ظاهرة الطلاق لحماية الطفل من التشرد والضياع والسقوط في قبضة الآفات الاجتماعية. أما العرض الثاني، فيتمثل في فيلم وثائقي يحمل عنوان “ثاقبايليث إيو أسا" بمعنى “قبائليتي اليوم" مدته 40 دقيقة للمخرج سليمان بلحارت. يتطرق إلى الجانب اللغوي بمنطقة القبائل ويظهر أن الأمازيغية في خطر وأنها مهددة بالزوال. المخرج فضل أن يقيم إسقاطا على الموضوع الذي اختاره بالعصفور المسمى “أبونقار" بمعنى “طائر المنقار"، وهو طائر مجهول تم اكتشافه بمنطقة القبائل لأول مرة في 5 أكتوبر 1975، حيث أثارت العملية استغراب المواطنين وحتى المختصين في عالم الطيور والحيوانات وربط المخرج إمكانية صمود هذا الطائر وبقائه قيد الحياة في أوقات الشدائد والتقلبات المناخية بالموروث اللغوي لمنطقة القبائل؛ حيث تطرق المخرج في فيلمه إلى واقع التأثيرات على اللغة القبائلية في الميدان على مستوى القرى والمدن بسبب تفتح المواطن القبائلي على اللغات الأخرى وخصوصا العربية والفرنسية، والتي تتحول مع مرور الوقت إلى عادة التحدث إلى حد تغير بعض اللهجات وكثرة استخدام المفردات العربية والفرنسية في اللغة الأمازيغية. وقد أظهر المخرج في فيلمه أن الاحتفاظ بالموروث اللغوي القبائلي هو بمثابة الاحتفاظ بالهوية الأمازيغية. وفي نهاية العرض، استحسن الجمهور التطرق إلى مثل هذه المواضيع الحساسة في السينما بعيدا لما يحمله من أهمية؛ حيث طالب العديد من الجمهور بضرورة بث هذا الفيلم الوثائقي في القنوات التلفزيونية لتحسيس سكان منطقة القبائل بالأخطار، التي تهدد لغتهم. والفيلم الثالث والأخير الذي عرض بالقاعة الكبرى لدار الثقافة “مولود معمري" بعاصمة جرجر ة هو فيلم قصير يحمل عنوان “بين الذراعين" مدته 7 دقائق للمخرج كمال سحاقي؛ حيث تطرق إلى موضوع العلاقات العاطفية التي تتميز بها منطقة القبائل في القرى والمداشر. ونقل الفيلم إحدى العادات التي يتسم بها سكان منطقة القبائل في الأرياف وتخصيص مواقع وأماكن للنساء فقط دون الرجال.. ويتعلق الأمر بالآبار، حيث تكون للمرأة القبائلية كل الحرية في التصرف فيها والتنقل إليها مهما أرادت، في حين يمنع الرجل حتى من استخدام الطريق المؤدي للبئر أو الينبوع. وأظهر الفيلم القيم الاجتماعية التي يتميز بها سكان القرى وتقديرهم الكبير لحرمة وشرف العائلات، فضلا عن التطرق إلى قوانين الجماعة التي تستمد من العادات وتقاليد الأجداد. ورغم كل هذه العادات الاجتماعية، التي تمنع مقابلة الرجل للمرأة إلا أنهم يغامرون في تجاوز بعض الحواجز الاجتماعية بحجة “عاطفة الحب"... وفي نهاية العروض السينمائية الثلاث، أجمع الجمهور على أن الفيلم الوثائقي “ثاقبايليث إيو أسا" للمخرج سليمان بلحارت مرشح لنيل جائزة الزيتونة الذهبية في منافسة المواهب الشابة نظرا للموضوع الحساس، الذي عالجه وكذا الطريقة التقنية الناجحة، التي اعتمدها في الفيلم وخصوصا فيما يتعلق بالصورة والصوت.