قبل سنوات عندما استحدثت جائزة رئيس الجمهورية المسماة جائزة علي معاشي للمبدعين الشباب، تفاءل الجميع خيرا على اعتبار أنها تمثل إضافة ولبنة في الأساسات التي يراهن عليها كل المثقفين والأدباء والفنانين لخلق النهوض الثقافي الكبير في بلد طالما كان خزانا للإبداع في شتى المجالات، وطالما ثمنت جهود مبدعيه واحتفي بهم خارج الحدود في وقت ظلوا يعانون الاقصاء وقلة الفرص في الداخل. الفرص التي ربما حكمتها في الغالب العلاقات الشخصية والجلسات الخاصة تماما كما يحدث في مختلف المجالات في حياتنا كجزائريين، حيث امتد طاعون الفساد ليخنق كاخطبوط رغبات الموهوبين من الشباب ويكسر أجنحتهم قبل أن يكتب لها التحليق عاليا، لتملأ الفضاء شدوا جميلا وتسطر ملاحم جديدة في النبوغ والتفوق مستندة فقط إلى كفاءتها وتميزها وخصوصيتها المستمدة من تاريخ وجغرافيا علمت أبناءها ألا يقنعوا بغير الصدارة، فاتخذوا من قول الأمير أبي فراس الحمداني "ونحن أناس لا توسط عندنا، لنا الصدر دون العالمين أو القبر" شعارا ومنهاج حياة. أقول هذا الكلام الذي ربما يستغرب البعض مقامه، لأن هذه الجائزة وغيرها تحولت إلى غاية في حد ذاتها ولم تحرك الآسن في الحقل الثقافي على الأقل إلى غاية اليوم، ولم تقدم بعد الاضافة المرجوة منها، حيث فازت لسنوات طويلة العديد من الأسماء وحصلت على التراتيب الأولى، وللأسف اختفى بعضها بعد ذلك وعاد إلى الظل، وهو ما يستفز مجموعة من التساؤلات عن جدوى الجائزة الثقافية في ظل غياب مواكبة فعلية للنشر تؤثث المكتبة الجزائرية بمزيد من الإصدارات والأعمال التي يجب أن تحرك أقلام النقاد والباحثين والدارسين. إن الجوائز الثقافية بهذا الشكل قد تتحول إلى فضاء للانتهازيين ومقتنصي الفرص الذين لن يدخروا جهدا في تخريب كل الأشياء الجميلة في هذا البلد، وسيحاولون جهدهم أن يبقى الحال على ما هو عليه لأنهم كالخفافيش لا يعيشون إلا في الظلام ولا يفرخون في غير الزوايا المعتمة، فاحذروا أيها القائمون بالأمر أن تكونوا عونا لهم أو تمكنوهم من التغلغل مجددا من حيث تدرون ولا تدرون، لأن وسائلهم وأساليبهم لا تنفذ و رغبتهم في التخريب والإفساد كبيرة كِبَر رغبتنا في حركة ثقافية جادة تسهم في بناء الوطن.