يفطر الكثير من المدخنين على سيجارة يستنشقونها قبل أن يذوقوا الماء، وربما جمعوها مع فنجان من القهوة المرّة، ولا يأكلون الطعام إلا بعد الانتهاء من تدخينهم. أما في الليل فهم يدخنون السجائر بنهم حتى يعوضوا ما افتقدوه خلال النهار، أو يقبلون على الأرجيلة التي لا تقل سوءا عن السيجارة، إذ تشير ورقة بحثية صادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن نفَس الأرجيلة الواحد قد يعادل 100 سيجارة. ويرتبط استهلاك التبغ بكافة صوره بالعديد من الأمراض المزمنة والقاتلة، كأمراض القلب والشرايين والرئة والسرطانات. ولأن رمضان شهر الصحة، فبإمكانك أن تقلب الطاولة على سيجارتك وتقلع عن التدخين في هذا الشهر الذي يمتاز بالعديد من الصفات التي تسهل الإقلاع عن التبغ، فالصيام خلال النهار يجنبك التدخين أثناء العمل والذي تعودت عليه لسنوات. أما في الليل فأنت في المنزل مع عائلتك التي ستقدم لك الدعم في الانتصار على هذه العادة الخبيثة. أما الأجواء الرمضانية الجميلة فتعطيك وقودا للانطلاق في مرحلة جديدة في حياتك تتخلص فيها من العبودية للتبغ. ويشكل التوق للتبغ أحد أهم عوائق الإقلاع عن التدخين وأبرز أسباب الانتكاس لدى المدخنين المقلعين، وينتج من احتوائه على مادة النيكوتين ذات التأثير الإدماني، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن تأثيره الإدماني أقوى من الكوكايين والهيروين. وعلى الرغم من ذلك، فأنت تملك العزيمة والإرادة للإقلاع عن التدخين، وإذ اقترنت بالطريقة العلمية الصحية التي سوف نوفرها لك فسوف تنجح: اكتب ورقة بالأسباب التي تدفعك للإقلاع عن التدخين، والتي لا تقتصر على تنظيف رئتيك وجسمك من النيكوتين، وتقليل مخاطر إصابتك بالسرطانات بشكل عام وسرطان الرئة بشكل خاص، وتقليل احتمال تعرضك لنوبات قلبية. بل تمتد لتشمل أسبابا أكثر عاطفية كرغبتك في أن تحضر حفل تخرج ابنك البكر من الجامعة، وأن تكون موجودا بجانب ابنتك في زفافها، ورغبتك بأن تشيخ أنت وزوجك معا متجولين في الحديقة القريبة من المنزل وأنتما تشربان الشاي، أو تستذكران الماضي الجميل وأنت تدفعها على الأرجوحة القديمة. حضر قائمة بالأمور التي تشعرك بالسعادة والتي سيساعدك القيام بها على نسيان التبغ، وطالما نحن في شهر رمضان فستشمل -مثلا- صلاة التراويح والتعبد، وزيارة الأقارب، وممارسة رياضة المشي على الشاطئ مساء. وسوف تساعدك هذه الأنشطة على صرف تفكيرك عن التدخين وتوفر مكافأة لك على جهودك. حدّد موعدا قاطعا للإقلاع عن التدخين، وليكن اليوم، والتزم به. لا تؤجل الأمر حتى ما بعد الدعوة الفلانية التي ستجتمع فيها مع أصدقائك المدخنين أو بعد شهر رمضان. حدد موعدا وأقلع فورا عن التدخين. عليك بالرياضة، إذ تساعدك في تنظيف رئتيك من السموم، كما تزيد من احتمال نجاحك في الإقلاع عن التبغ. وفي رمضان اجعلها مساء بعد الإفطار، كما بإمكانك جعلها بعد صلاة التراويح مباشرة، اشترك بناد رياضي، أو مارس المشي أو الجري في الأماكن والملاعب المخصصة، فممارسة المشي لمدة 30 دقيقة في اليوم سوف تبعد مشاعر التوق للتدخين. وإذا كنت تعاني من أمراض كالسكري أو ارتفاع ضغط الدم فاستشر طبيبك لاختيار الرياضة المناسبة. تناول غذاء صحيا غنيا بالخضار والفواكه والحبوب الكاملة. وخلال وقت الليل اجعل "التسالي" قطعا من الخضار النيئة الصغيرة مثل الخيار المقطع والجزر والطماطم، والفاكهة الطازجة كالتفاح والموز والبرتقال. وعندما تشعر بتوق للتدخين كل من هذه الأصناف ولا تنجرف إلى رقائق البطاطا و«البقلاوة" أو الهريسة وبقية الحلويات الرمضانية. تجنب القهوة والشاي الثقيل والمشروبات الغازية، فالكافيين قد يزيد من توقك للتبغ، لذلك استعض عنه بشرب العصائر الطازجة (غير المحلاة بالسكر) والحليب والشاي الخفيف. كما تجنب أجواء المدخنين كالمقاهي والأصدقاء المدخنين. إذا شعرت بتوق للتدخين فخذ عدة أنفاس عميقة وبطيئة ثم اشرب الماء. وإذا استمر الأمر قم بتأخير الأمر وأخبر نفسك أنك ستصبر لمدة عشر دقائق أخرى وبعدها فكر في عمل إجراء آخر لصرف انتباهك عن التدخين. لا تقل سوف أدخن سيجارة واحدة فقط، إذا فعلت ذلك سوف تنتكس وستجر السيجارة الواحدة عشرات السجائر. مارس الاسترخاء وتعلم تقنياته، فقد يكون التدخين وسيلتك للتعامل مع التوتر والضغط، ولكن عوضا عنه استعمل تقنيات التنفس، وقد يتطلب الأمر استشارة الطبيب إذا كنت تعاني من التوتر والقلق المزمنين. اطلب المساعدة من عائلتك وأصدقائك والفريق الطبي، إنها معركة ولست مضطرا لخوضها وحيدا، ورفاقك سوف يقدمون لك الدعم والإلهام في مسيرتك للتغلب على التدخين. كما بإمكانك استخدام الإنترنت للانضمام إلى مجموعات دعم تشاركك نفس الهدف، فالتشجيع مفيد حتى لو جاء من خلف البحار. استخدم بدائل النيكوتين كاللصقات والعلكة، وطبيبك هو الشخص القادر على تحديد ما يلائمك لذلك استشره بشأن الخيار الملائم.