نزل، عرض ''سيد الرجالة'' لمسرح البليري من قسنطينة، أول أمس، بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي، ليحكي فصولا من العبثية المتجددة التي وقعها قبل قرون، سرفانتس في ''دونكيشوت''، العرض الذي استحضره نصيا وأخرجه على الركح خالد بلحاج، حاول أن يقف على الهباء المنتشر في الراهن الجزائري، متكئا على الدونكيشوتية المتجددة عبر العصور في قراءة واقع متفجر بالتناقض والجنون· ويروي، العرض، قصة رجل قارب الخمسين من العمر، دفعه حبه للإنسانية إلى إحياء مآثر المناضلين والعظماء، فقرر هجرة بيته بحثا عن المغامرات والإثارة، واضعا نصب عينيه هدفا واحدا هو تخليص العالم من الشر والأشرار· ويبدو من خلال الوقفة الأولى للعرض أنه سعى إلى استحضار قصة دونكيشوت التي صارت أيقونة منذ زمن ومتكئا جاهزا لمقاربة العديد من القضايا والظواهر ذات الصلة بالتناقضات اليومية المعقدة حد العبث، ولكن يبدو أن الإستحضار أو فيما يمكن أن نسميه، على وجه أدق، ''الإقتباس'' بلغة أهل المسرح، كان مرتبكا لأنه ظل، إلى حد ما، بعيدا عن الروح الحقيقية للنص المحوري، وما جعل هذه النظرة تتعمق، ذلك الإيقاع الثقيل الذي قدم به العرض، إلى جانب الإشتغال الضعيف على الإضاءة التي لم تكن رفيقا جيدا للعرض بفعل الإغراق في الظلام· على صعيد آخر، تجب الإشادة في هذا المقام بالجهد الذي بذله الممثلون في تقديم عرض ''سيد الرجالة''، وهو ما كان ملاحظا، سيما في الدور الأساسي ''الدونكيشوتي'' كون هذه الشخصية معقدة ومتنوعة ولا ترتهن إلى إيقاع واحد، وقام بهذا الأخير، الفنان وحيد عاشور، أما دور ''الطرنو'' فقام بتأديته حمزة حمودي، بمشاركة كل من أحمد حمامص، مهدي عباد، غجاتي حميدة، وفي الإضاءة باسم بوكبوس، باشتغال موسيقي وقعه هشام داودي· جدير بالذكر أن مسرح البليري من قسنطينة، صاحب أعمال عديدة منذ ,1996 حيث قدم للركح، مجموعة من الأعمال لعل أبرزها ''المرستان''، ''سلالة مهابل''، ''بورزيمة ديالنا''، ''شوف يا احمد''، ''محاكمة جحا''، ونال العديد من الجوائز محليا وعربيا·